إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 8 سبتمبر 2011

المؤتمرون على الشعب

دخل القاعة المكيفة فجف عرقه، أنساه الهواء البارد كدح المتصببين عرقا بالدروب، نظر إلى المؤتمرين فوجدهم يلتفون جماعات، هذه زمرة المستغربين، وتلك زمرة المندسين، وهنالك زمرة الفلول، وقليل من المتنافسين الجدد الباحثين عن موطئ قدم فوق أعناق الشعب، أما في الركن البعيد ذات الإضاءة الخافتة فوجد الذين يظنون أنهم بالمكان الصحيح بحثا عن مجتمع مثالي وبلد ناهض.
دخل المتمسئلون القاعة فكبت الوفود زمرا بحثا عن أكثر المقاعد قربا من المنظرين، تهافتوا على حلو الكلام أمام الكاميرات، فخرج الكلام ملوثا بثاني أكسيد الكربون المختلط بزفيرهم فملئت القاعة اختناقا وضجرا، وما وجد من حصائد ألسنتهم إلا ما يثير حيرته ودهشته.
عندما قضي أمر الحديث العقيم دُعي الحضور إلى موائد الطعام فانفض الجمع تدافعا وتأرجحت كروشهم الدانية على فخوذهم فتبخرت الأحلام، وضاعت الفكر، وتهات العقول، فهذا وقت البطون.
بصر، فإذا أحدهم يرخي حزام بنطاله من حول بطنه المترهلة، ويرخي رابطة عنقه من حول زنده العريض، انقض على وجبته فالتهمها فملأ بطنه للحلقوم، ثم صب عليها كثيرا من المياه الغازيه لزوم الهضم، ثم حلى بفاكهة كثيرة، ثم تجشأ وربت على بطنه قائلا: اهنئي أيتها الكريمة واسعدي فأنا ابنك المطيع أينما وجهتيني توجهت ومتى أمرتيني أطعت، فأنتي تبحثين عن النخب وهكذا دأبك.
انتبه على اصوات الملاعق والأطباق التي عجت بها صالة الطعام فيما علت فيهاأصوات وضحكات الخصوم وهم يتسامرون ويستأنسون للحديث على الوليمة التي تكفل بنفقاتها الكادحون تحت لهيب الشمس من دافعي الضرائب.   
خرج يقلب كفيه على ما رأى وقد ضاق صدره من الندم، وخيم القنوط على وجهه حينما رأى فشل نخبة المنظرين فأيقن فشل نخبة المطبقين.
 عندما رأى الشعب الكادح أمامه حارج القاعة نظر في أعينهم فوجد كثيرا من الضجر والضيق لكل من يخرج من قاعة المؤتمرات التي عقد فيها الكثير المؤتمرات وهم يأملون في التغيير وينتظرون النتائج على الأرض لكن دون جدوى، فلما رأى ذلك بأم عينه أيقن أن كل الطرق مسدودة وتذكر مقولة أحدهم الشهيرة: "مفيش فايدة".