إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 9 ديسمبر 2011

إذا هي هبة وليست ثورة


إذاً هي هبه وليست ثورة
نكاد نشرف على مرحلة جديدة وننتهي من مرحلة انتقالية حرجة وذلك بإجراء الانتخابات البرلمانية الحالية بمراحلها الثلاث، وبذلك نبدأ في حصد وجني ثمار إسقاط الحكم السابق الذي تخبط كثيرا في إدارة شئون البلاد في الفترة الأخيرة.
والقارئ للأحداث والمتابع لها يشعر اليوم بعدما تم إجراء المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية أن القوى التي دعت للثورة وقامت بها قد تلاشت، ولم تظهر في الانتخابات التشريعية الحالية، ولم تحصد أياً من مقاعد برلمان ما بعد الثورة الجديد (إلا النذر القليل)، فلا شباب الفيس بوك الذين نظموا عملية النزول للميدان أول مرة، ولا حركة 6 إبريل، ولا أي حزب سياسي جديد ممن أنشئ بعد الثورة قد نالوا مقاعد برلمانية تعبر عنهم بعد هذه المرحلة في البرلمان الجديد (إلا بضعة مقاعد أخذت على استحياء)، والمفارقة أن الذين فازوا بمعظم المقاعد في برلمان ما بعد الثورة لم يدعوا إلى ثورة بل منهم من كان ضدها، فجماعة الإخوان المسلمين عارضت النزول للمظاهرات يوم 25 يناير، وكذلك السلفيون لم يكن في قاموسهم عملية التظاهرات أو الاحتجاجات أو النزول للميدان، والكل نزل عفويا بعد ذلك يوم 28 يناير بعدما رأوا أن النزول ضرورة حتمية للكل رغم أن الشرارة الأولى أو ضربة البداية كما يقولون لم تكن معهم.
 إذاً كان النزول عفويا ومتواليا كالمتوالية الهندسية أو كأوراق الدومينو ولا يستطيع أحد أن ينسب لنفسه أو يدعي شرف الدعوة للنزول من تلك الكيانات السياسية المنظمة قبل سقوط النظام.
إن الائتلافات والاتحادات الشعبية التي تكونت بعد أحداث هذه الهبة الشعبية كانت المؤشر الوحيد على وجود تنظيمات شعبية شبابية لها قيادات وأهداف ترقى لأن تقود الأحداث التي تلت التنحي وكان من الممكن أن تقود ثورة منظمة بحق لكن فشل تلك الائتلافات والاتحادات وعدم وجود برامج سياسية أو اجتماعية لها وتشرذم أعضائها وعدم الاعتراف الشعبي بها أسقطها سريعا فتلاشت وطمست حتى أصبحت الآن ليس لها وجود إلا في قاعات الاجتماعات ومقرات المحافظات ومكاتب رؤساء الحكومات المتعاقبة، وبهذا فإنها غير مؤهلة لأن تقود ثورة في دولة بحجم مصر ولشعب بحجم الشعب المصري.
إننا أمام حالة ليس لها تفسير فالتضارب والمفارقات لا حصر لها فثورة بلا رأس وبلا قيادة وبلا أهداف لا يمكن أن تحقق ما تحقق من نتائج حتى الآن وقوى ظهرت عبر شاشات الحواسيب الآلية ثم تلاشت لا يمكن أن تكون سبب هذا التغيير، وتبقى وحدها عبقرية هذا الشعب هي الشاهد على هذا التغيير، فشعب يمتطي دبابات جيشه ويركبها فور نزولها للشوارع هو شعب يثق في قوته وقوة جيشه، شعب ينظم نفسه في مليونيات للضغط على من تولى مقاليد الأمور لينتزع أهدافه التي لم تتحقق بحس وطني بعيدا عن الحسابات والترتيبات السياسية فلابد أن يحقق الله أمانيه حتى وإن كانت بسيطة، شعب يستشعر مواطن الخطر وجهاته ويشتم رائحة العمالة فيسقط قوى حتى وإن دعت إلى ثورة ويقدم أخرى حتى وإن لم تدعو إلى هذه الثورة هو شعب يستحق الاحترام وتبقى هباته التي هبها في وجه الظلم حتى وإن لم تصل إلى ثورة حقيقية بمفهوم الثورات التي قامت فقتلت زعماء ونفت آخرين تبقى محل تقدير لحصافته ورباطه الذي سيظل فيه ليوم الدين، أما الثورات التي تزيح وتنفي وتقتل وتطهر فهي بعيدة عن قاموس الشعب المصري.       

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2011

كل على مولاه


كلٌ على مولاه
يتدرب في معسكره ويتثقف بثقافته فيتشرب فكره فكر العلمنة والعولمة والعجرفة والمسكنة حتى تبدو عليه كل علامات التلبلر، يدفعه بعد أن اشتد عوده وأينع فكره وفاض مردوده بثمار ما غرس به من بذور الانفلات والتحلل.  ثم يملأ جيوبه بالدولارات صعبة المنال ليبعثه إلى المهمة الشاقة.
يحل "ليبر بن علمان" في مصنع العقول وأرض الرجال، فلا يجد بدا من التنقل والترحال عله ينشر فكر مولاه في أرض أهل الرباط، حاطه بعض المتنطعين والمتسكعين من الأطفال، يتفوه "ليبر" بأقوال العيال بعد أن انتفخت أوداجه واحمرت وجناته فقال: "أنا حر حتى وإن كنت أضر" صفق له المتطفلون والفضوليون والفجار ريثما يحوزوا منه الدولار وما كاد ينتهي من ترهاته حتى انفضوا من حوله وثار من دبيب أقدامهم الغبار.
مُنح الفرصة من أهل الدار ليعود لرشده ويرجع إلى عقله بعدما أنفق عليه مولاه اللاتيني اللاديني أمواله ليصد عن الحق والخير، عندما فشل "ليبر" في مهمته وأخفق في تجربته أصبح كل على مولاه فأينما يوجهه لا يأتي بخير، تحسر مولى "ليبر" على ما أنفق فيها وتمكن منه شعور الهزيمة والانغلاب فتركه في طريق الغي يحترق يأكل بعضه بعضا قبل أن تحيط به عقول الرشد لتأكل فكره كما تأكل النار خبثها.