إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 20 أغسطس 2011

اختيار الناخب المصري في جو الحرية الحصري

اختيار الناخب المصري في جو الحرية الحصري
أيام قليلة ويبدأ ماراثون الانتخابات البرلمانية الأولى التي ستكون شفافيتها وجو الحرية التي ستعقد فيه أولى ثمار الثورة المصرية.
نتذكر في الانتخابات الماضية في 28 نوفمبر 2010م، مدى فداحة أعمال البلطجة التي لازمتها، ومدى فجاجة عمليات التزوير التي تمت لصالح الحزب الوطني المنحل، ومدى التواطؤ والمداهنة الذي أصاب بعض الأحزاب المعارضة في تلك العملية والتي نتج عنها مجلس شعب تفصيل على مقاس وعلى أهواء الشلة الحاكمة آنذاك.
اليوم انتخابات مجلس الشعب 2011م، تختلف اختلافاً كلياً عن سابقاتها في العديد من الأشياء، فالمناخ السياسي اختلف جذريا عن سابقه، وأصبح هناك متسع من الحريات تمنح الأحزاب طرح مرشحين وتمنح الناخب حرية الإدلاء بصوته لمن يريد، أما الوضع الأمني فقد انقلب رأساً على عقب وأصبح هناك بعض الانفلات في بعض المناطق، ورغم تدهوره إلا أنه يمكن للجيش أن يسيطر على الوضع بالتعاون مع الشرطة، وخصوصاً إذا قسمت الانتخابات على عدة مراحل كما أعلن.
السؤال المطروح على الساحة السياسية الآن والذي ربما يسأله العديد من الذين سيشاركون في تلك العملية الانتخابية، هل تمنح الثقة لمرشحي الأحزاب القديمة التي كانت عبارة عن هياكل خاوية تعيش تحت ظل سلطة مطلقة لحزب واحد دون أن تحرك ساكن؟ وهل الأحزاب الجديدة عديمة الشعبية والغير معروفة لدى معظم طوائف الشعب قادرة على المنافسة؟ وهل أجندات وخلفيات تلك الأحزاب القديمة والجديدة أو برامج المرشحين المستقلين تستطيع جذب معظم البسطاء إليها وتقنعهم بأفكارها.
ومع احترامنا لمعظم الأحزاب السياسية القديمة والحديثة التي تتبنى أفكارا وقيما بعيدة كل البعد عن واقع المجتمع المصري، فإن هناك مقولة شهيرة للرئيس السابق في حديث صحفي لجريدة نمساوية تقول: أنه لو ترك مجال للتعبير الصادق والصريح للشعب المصري لاختيار من يمثله لساد الإسلاميون ولوصلوا لسدنة الحكم بسهولة.
وهنا أمامنا العديد من التساؤلات أبرزها، هل تبادر التيارات الإسلامية بطرح مرشحين لديهم برامج واضحة ولديهم من الفكر السياسي والتشريعي ما يكافئ هذا الشعب على هذا الاختيار؟ وهل ستتعاون تلك التيارات مع بعضها البعض وتنسق فيما بينها لتفويت الفرصة على قافذي السلطة والمتاجرين بالقضايا السياسية لتحقيق أهداف خارجية ومن ورائهم أعداء الأمة الذين لا يريدون لنا علوا في الأرض؟ هذا ما سنراه في الانتخابات البرلمانية القادمة وما ستجيب عنه المرحلة الحالية.
إن الصراع الدائر الآن على أشده لتحديد هوية الدولة الجديدة ورسم خارطتها السياسية والاقتصادية وعلاقاتها الخارجية يعتمد على الانطلاقة التشريعية الأولى للنظام الجديد التي ستشكل الأطر القانونية والتشريعية للسلطات الثلاث وستحدد دور كل مؤسسة بالدولة في إطار الحرية الممنوحة للمجتمع للتعبير عن آرائه واختياراته، وعندها ستكون الشرعية الدستورية والتشريعية هي التي تنظم وتبسط سلطانها بعد مرحلة الشرعية الثورية في المرحلة الانتقالية، وهذا ما يظهر الآن تصارع القوى السياسية المختلفة لحشد الآراء لصالح كل طرف في الأيام القليلة القادمة، فنحن أمام امتحان وجود نكون بعده أو لا نكون.    
        

الخميس، 18 أغسطس 2011

الخلايا المنومة

الخلايا المنومة
امتطى ظهر المنضدة القابعة أسفل الكشاف الضخم بغرفة العمليات الجراحية، تهزه ضربات قلبه رهبا من الموقف، فهي المرة الأولى التي ينوم فيها لاستئصال بعض خلاياه، لا يدري إن كانت تلك الخلايا قد تمردت على جسده أم أصاب نواتها الشره فنمت أزيد من الحد الطبيعي ، أم أنها أصيبت بالخرف الجيني، أو الارتباك الهرموني.
بابتسامة مصطنعة يسأله طبيب التخدير عن حاله فيبادله الابتسامة دون اصطناع مومئاً إليه برأسه أن ابدأ عملك سيدي.
يحقنه طبيب التخدير عقاراً فيخدر الجزء الأسفل من جسده مبقيا على نصفه الأعلى يقظا ثم يقيم ستارا بين صدره وبطنه وكأنه أمد الحجاب الحاجز لأعلى فلا يرى ما يفعل بأسفله.فيما الجراح يعقم يديه اللتان ستغوصان داخل أحشاء ذلك الجسد أثناء عملية الاستئصال.
 من نافذة ذكرياته ينظر صاحب نصف الجسد المخدر لتلك الأيام التي كان يسهر فيها على تلبية احتياجات ابنه مع هذا الجراح الشاب أثناء خوضهما شهادة الثانوية العامة وأثناء الدراسة بكلية الطب التي جمعتهما.
في اللحظات الأخيرة يدرك الرجل أنه لم يأتي لهذا المكان ولم يوضع في هذا الموضع اقتناعا منه بعملية الاستئصال وإنما مجيئه ورضوخه بين يدي هذا الجراح ما هو إلا حنينا وانجذابا خلف مشاعر تعصره بين الفينة والأخرى، فملامح ولده الذي وافته المنيه يراها في وجه زميله، ورائحته يشمها كلما اقترب منه، وعبق الزمن الماضي يلازم هذا الجراح كلما غدا أو راح.
اكتشف الرجل أخيرا أن تلك الخلايا التي أكنت كثيرا من الحب لهذا الجراح لم يكن داؤها ذاتياً، بل ربما تمارضت لتظل ملازمة لمن أحبت بينما هو من أجهز عليها بمشرطه يجزها جزا.
 تداركا للموقف وندما على إذعانه لعاطفته، هم لتحريك قدميه المنومتين فإذا هما كالجبلين، حاول أن يتعتع تلك الكتل التي أصبحت ضحية مشاعره المرهفة لكن دون جدوى، تصارعت ضربات قلبه تمنت لو أنها توقظ تلك الخلايا لتنسحب بهدوء من أمام من أحبت دون المزيد من إراقة الدماء.