إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 8 يناير 2011

لا تحسبوه شراً لكم


حادثة تفجير كنيسة القديسين الأخيرة والتي أدت إلى تعكير صفو المشهد الاجتماعي الداخلي لمصر في الدقائق الأولى  من بداية العام الميلادي الجديد أكدت على عدة خصائص لا يمكن تواجدها في أي دولة على مستوى العالم إلا في مصر منها: أن الشعب المصري شعب عاطفي جدا وودود ويتفاعل مع الأحداث بردود فعل تلقائية ليس بها نفاق أو رياء، وتدلل ردود الفعل هذه على أن هذا الشعب نسيج واحد لا يوجد به أعراق أو اثنيات والكل يذوب وينصهر في إناء واحد اسمه مصر، حتى وان اختلفت معتقداتهم.
وما حدث كان آخر المراحل التي وصل إليها الوضع الاجتماعي الداخلي، بعد عدة أحداث سابقة جعلت الوضع غير مستقر، فجاءت الحادثة لتكون الحد الفاصل بين مرحلة سابقة غير مستقرة اتسمت ببعض الأحداث التي جعلت الثقة تتلاشى بين شقي الأمة، ومرحلة قادمة تتحرك فيها المياه الراكدة وتهيئ لمرحلة جديدة من بناء الثقة وحفظ الحقوق لكلا الشقين.
المرحلة القادمة يجب أن يكون التحرك فيها على المستوى الرسمي أكثر إيجابية، فبعد عدة سنوات عجاف اتسمت بالتشنج والتعصب من جانب الإخوة المسيحيين كلما أسلمت إحدى فتياتهن، أو كلما اعتدوا على أراضي الدولة لتوسيع بعض الأديرة، أو البناء للكنائس دون ترخيص، وقابل إخوانهم المسلمين هذه الأفعال بالامتعاض والاعتراض على تلك الأفعال في ظل يد رخوة من النظام، أدى إلى احتقان داخلي بين الفئتين تزايد هذا الاحتقان حتى وصل لذروته في الأشهر الماضية، الأمر الذي جعل المفسدون في الأرض يضربون ضربتهم الموجعة التي أصابتنا في الصميم، ورغم ألمها إلا أنها أظهرت بعض الحقائق التي لا يجب أن نمر عليها دون سردها ليعلم طرفي الأمة أن تداعيات هذه الحادثة ليست شر كلها بل فيها خير لنا يجب إبرازه في عدة نقاط أولها:
·      أن مسلمي هذه البلد المباركة هم حامي مسيحييها وعندما يعتدى على شقهم الآخر في المجتمع يقوموا للدفاع عنه بكل ما أوتوا من قوة.
·      من يدعي أن الحماية تأتيه من الخارج أو من يستجلبها ما هو إلا واهم وأن الذين يتدخلون في شئوننا الداخلية ما يريدون إلا الشقاق لمصالح خاصة لن تجني لهم إلا الخسة وسوء المنظر أمام العالم. ولن تجني لأعوانهم في الداخل والخارج إلا الهوان وليعلموا أن أمنهم وحمايتهم داخل مجتمعهم وأهلهم فقط.
·      التعلم من الماضي هو خير الدروس المستفادة فالهجوم على الإسلام لن يفيد والردود المتشنجة لن تقلب الموازين فيجب التحلي بالحكمة وليترك لكل إنسان حريته في اعتناق ما يشاء من الأديان فالضغط والتشنج في التعامل مع تلك الظاهرة لن يجلب إلا الاحتقان والضغينة بين أبناء المجتمع الواحد.
·      تبرأ المصريين من المفسدين في الأرض ومن المتشددين يشهد على اعتدالهم ومسامحتهم ويجب على من يدعي الاضطهاد في هذه البلد أن يتبين معدن هذا الشعب الطيب الذي يتعامل فيه الكل سواسية ولا يتم التفريق بين أغلبية وأقلية.
لذلك فتصحيح المسار عليه عامل كبير في السنوات القادمة سواء كان هذا التصحيح من النظام أو من المسيحيين أو من المسلمين. فالكل عليه عبئ تلاشي الأخطاء وحفظ الحقوق للغير وعدم البغي لتكون ثمرة الخير هي الدانية من الجميع في حال الالتزام بحق الوطن والمواطنة، وأن رؤوس الشياطين هي طلع الفتنة والبغي والفساد في الأرض.    


الأربعاء، 5 يناير 2011

عندما تنفجر الاسكندرية تهتز النوبة




لسان حال المصريين اليوم يقول: كلنا أمة واحدة كلنا نسيج واحد ومن بغى فإنما يبغي على نفسه.
ولهذا رأينا بناظرينا ردود الفعل الواسعة والكبيرة من كل فئات المجتمع، بداية برئيس الجمهورية، ومرورا بالسادة المسئولين والنخبة من المثقفين والكتاب، ورجال الدين  والفنانين، وانتهاءاً برجل الشارع البسيط، الذي حزن أشد الحزن واعتصر قلبه لما حدث.
الرؤية الآن واضحة، بعد انقشاع غبار الحادثة الأليمة، وظهر معدن هذا الشعب الطيب وتوحده في الأزمات، وعلى كل منا أن يبحث عن دوره المنوط به والمطلوب منه، حتى لا نقع فريسة لأعدائنا.
 فالأمن له دور ولابد من كشف ملابسات الحادث وفك طلاسمه وتعرية المتورطين ومن وراءهم، حتى يتبن لمن عادى هذا الشعب أن هناك من يقف له بالمرصاد، بل ويجب أن يكون هناك رد فعل قوي بقوة تلك الفاجعة، حتى لا يخيل لهذا العدو أن هذه الواقعة أو التي يفكر فيها لاحقا ستمر مرور الكرام دون عقاب، كذلك لأجهزة الإعلام العامة والخاصة دور مهم في وحدة صف الأمة، وطرح الردود العقلانية للجمهور لتطييب الخواطر، والبعد إظهار ردود المتشنجة التي صدرت من البعض.
كما أن لوسائل الإعلام دور أيضا من خلال المسئولية الاجتماعية في لم الشمل ومساعدة الأجهزة الأمنية بأي معلومات تساعد على كشف الملابسات فصحافة التحقيقات عليها عوامل عدة في تلك المرحلة.
الدور الآخر للشعب المصري لا يقل أهمية عن دور أجهزة الأمن ووسائل الإعلام، حيث أن لقادة الرأي من النخبة والمثقفين ورجال الدين دور في غاية الأهمية الآن لتوعية الجمهور بشأن المخاطر المحيطة، وحث الناس على التوحد ونبذ التصرفات السلبية التي تساعد على تفاقم الأزمات في المرحلة القادمة.
بقي شيء أخير يؤكد على أن الكل في هذه البلد واحد وأن من يشذ عن طبيعة أبنائها سيلقى مصير الاندثار، فمن يتشدق من الخارج بالحقوق ومن يساعد من الداخل على إلهاب الجرح النازف، والذي يستغل الأزمة لمآرب أخرى فإنه لن يفلح، بل سيفشل بإذن الله لأن أي خلل يصيب البنيان المصري تتداعى له سائر الأركان وأهلنا في النوبة هم جزء من نسيجنا الذي لن ينفصل عنا، والمحاولات الأخيرة لتدويل القضية وتنشيط الانفصال عنا استغلالا لتلك الأزمة، ما هي إلا غباء سياسي أراد به القائمون عليه كسب جولة ولكنهم لم يدركوا أنه عندما تنفجر الإسكندرية تهتز النوبة.  


الثلاثاء، 4 يناير 2011

إلى دعاة التطبيع من أجل كرة القدم

حيا الله هذا المحيا ... فبفضلكم صار نصي حيا
وقل لمن هنا وحيا ... أتقربت صغيرتكم لرأس الحيا
ولما التقرب يابن الخليفة...والسعى خلف الهدف ليا
فلست تحتاج لشهرة... وكفاك شبكة الجزيرة الفضائيا
ونقول لمن بارك التطبيع... لماذا الآن تماديت بغيا
سيقول أوتوه على علم ...عندهم كما قال قارون حيا
فقل له أين قارون وداره... أفتمشي في الناس غيا
خسف الله به وبداره الأرض... هذا عقاب الله له حيا
سنظل نناديهم ونسمعهم ... تالله أفلحت لو ناديت حيا
يا قطر العروبة انصتي ... فلا يصنع من الثرى ذهب
آتاك الله مالا وصيتا ... فاشكري لله ما قد وهب
ولا تعثي في الأرض الفساد... إن الفساد بأربابه ذهب
وانتبهي من خطر العدو ... إن العدو متربص بما ذهب
وتثبتي على مكث بيننا... وارجعي عن أمر شيعة الكذب
وانضمي لصفوف إخوانك... جعلك الله ذخرا للعرب

الاثنين، 3 يناير 2011

قرار الاستقالة

هه هه هه، هكذا قابلني، بعد أن تركني على البحر وذهب، ونكص على عقبيه من الحوار وهرب، جاءني خصيصا، عله يثنيني عن قراري، ويعاتبني ويناقشني فيما سيؤول إليه مآلي، فكان هذا لسان حاله وحالي.
 بتلك الضحكات دخل علي مشهراً سبابته نحوي، وساخراً على عيني، ضحكات ألمعت في وجهه وجنتيه الضخمتين واخفت في محاجرها عيناه الصغيرتين ، غير مكترث بعلامات التعجب التي ملأت وجهي.
 قائلاً: ولما هذا القرار، هل قررت الفرار.
 قلت له مستدرجاً: أي قرار وأي فرار، قال: قرار الاستقالة وهل يوجد غيره.
 قلت: وما شأنه.
 قال: أتترك هاهنا الأموال، وتذهب إلى حيث ضيق الحال، أتذهب لراتب ضئيل، في بلاد وادي النيل، وتترك هنا راتباً يزيد عشرات المرات، وتذهب إلى حيث الفتات.
 قلت: أهذا الذي يجعلك تصدر كل تلك القهقهات، وتقابلني على غير العادة وتسخر بكل بلاده.
قال: يا صاحبي، ألم تقص علي الأخبار، وتشغلني بحال أهل الدار، وخلافي معك على التلفاز بين سماع الأفلام ونشرات الأخبار، أءنت الذي تقدم على هذا القرار في وقت يصعب فيه الاختيار.
 قلت: سئمت الانتظار، والبعد عن الديار، سئمت الكفيل، والبكاء والعويل من غير أصحاب هذا الدار، ورثائهم حالهم ليل نهار، رغم أن بأيديهم القرار، سئمت معاملة بعض أهل هذه الدار.
قال: ويكون الحل هو الفرار، أتستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير وتهبط لها.
قلت له: أتممت عشراً، وجلدت ذاتي فكرا، وأثقلتني غربتي هما، والآن حققت هدفي بكرا، ولم يعد لي عذرا، ولن أكون أشد من موسى عزما، فلقد كلف بثماني حجج، ولأنه من أهل العزم فقد أتمم عشرا، فلن أمكث أكثر من ذلك أبدا، فتلك عشرة كاملة.
قال: هيهات، قرارك ستندم عليه حتى الممات، وغدا ستذكر تلك الضحكات.
قلت: أخلقت إنسان أم أنك كالأنعام، أوليس لديك أفراح وأحزان أطراح وأشجان، أصدقاء وخلان. أوليس لك أهل بيت تسأل عنهم وتكفلهم ترعاهم وتسترهم تلبي حاجاتهم وتعفهم وتكفكفهم. أوليس لك أبناء تربيهم وتعلمهم، توجههم وترشدهم تناصحهم وتصادقهم.
قال: هم في كنف الحنان المنان الذي لا يغفل ولا ينام.
قلت: أوليس الذي خلقك بقادر على أن يجلب لك الخير هناك مثلما جلبه هنا، أوليس الذي خلقك بقادر على أن يرزقك هناك كما رزقك هنا، أليس عندك فيه ثقة، ألم يقدّر لك رزقك وعمرك، حتى وإن قَدَر عليك رزقك، أوليس عندك قناعة ورضا بما قسمه الله لك، أولم تؤمر بالنظر لمن هو دونك ونهيت عن النظر لمن هو فوقك، أولم يقول حبيبك تفاءلوا بالخير تجدوه، ولقد استخرت الله وكان فألي حسنا وخيرا.
قال: هكذا دائما تقنعني ولا أقنع.
قلت له: إذن بدأت رحلة العودة ولن ألتفت خلفي، وسأمضي حيث طموحي وهدفي، حيث صلاة الفجر مع الجيران والنخبِ، وقرآن الفجر في الآفاق ينتشرِ، والنقشبندي وطوبار بابتهالاتٍ، تهز أركاني وتجعل الجلد يرتعدِ،  سأمضي حيث تعبيري وشعري ونثري، حيث عبق الماضي وروائح الزهرِ، وصباح الندى والغصن مبتل على جوانبه الزرعِ، حيث بريق الوجد في عيون الصحب والأهلِ، وسعي البسطاء وراء لقمة العيشِ، ودبيب أنعامهم في المساء والصبحِ، حيث النيل العظيم وجلسة الصيد في العصرِ،
قال: كفى.
*سأذهب إلى فيلتي وحديقتي، وثمرة غربتي وكديِ، سأذهب حيث رمضان اللمة والخير وعلى الإفطار الكل مجتمعِ، والفرحة وسط الأهل غير ذي شكلِ، والمرض في جوارهم يشفى بأمر الله ويكون غير ذي طعم.
قال: كفى.
*سأذهب إلى حيث المآل في الجنائز لأذوق طعم الموتِ، وأكون خير متعظِ، وللمقابر في كل زيارة عبرى وذكرى ولأمواتي أدعو وأبتهلِ، سأمضى يا صاح للعودة إلى الديار وأنا عند الله في كنفِ.
قال: كفى.
*سأمضي فلن يضيرني ربي جزاء الود والقرب، جزاء مودة الأهل وصلة الرحم والنسب، سأمضي لأمٍ فلقت قلبها من السفرِ، وسيطمئن بعد الاستقرار والمكث، سأمضي لأطببها من الوعثاء والتعب، من الآلام والنصب، يا صاح أليس لك مالي من الخلان والأهل، من الإحساس والحب، من الرضا، من  القناعة، من الرهفِ، ابق هنا أنى شئت فإنك لن تعيش في الدنيا إلا ما يتخافت به المجرمين فيما بينهم يوم القيامة، فيقولون وهم محشورون يومئذ زرقا، إن لبثتم إلا عشرا، لن تعيش إلا ما يقول عليه أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما.   
*يا صاح لم نخلق لجمع المال أو الترحال، بل خلقنا للعبادة وبناء النشء وللاستقرار، سأتركك تجمع ما شئت وتذكر أنك سترحل كما جئت.
* والآن يا صاح بعد أن لمحت في عينيك بريق الحسرة، وتمنيت ألا أقول لك ما قلته من برهة، وإحساسي بما في حلقك من غصة، وبما فيه صدرك من ضيق وحرجه، سأتركك وارحل، وفيما مضى كنت مني تضحك وتسخر، فالآن أنا الذي على ما أنت فيه سأقلب كفاي واضجر، ولكني سأضحك ضعف ما كنت تضحك، ولكني منك لن أسخر. فالضحك الأخير هو الضحك الكثير، هه هه هه هه هه هه
نشأت النادي 3/1/2011م