إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 25 يونيو 2011

امضي كوكبة الأدباء

يا كوكبة الأدباء
يا من أنار جحور الألباب ... بإلهام وفكر وقلب معطاء
أنتم للأدب نعم الأرباب... وللشعر والقصص حَبر الأدباء
يا مرهفو الحس الرهوف بمصركم ... ارفعوا الهامات نحو العلياء
عُرب أنتم ثقافة وتحدثا... فاشكروا لله عظيم الآلاء
يسعى نوركم بين أيديكم... فافخروا بهذا الوهج الوضاء
اسبحوا في الأفق سبحا مضيئا... يُهدى إليه حائر البيداء
ارتقوا بلحن القول طربا... انثروا عبيره عانقوا الجوزاء
قولوا للناس قولا بليغا... فرب كلمة ينطقها الحكماء
سبحوا رب البرايا واشهدوا... بجمال لغتنا العربية الغناء
شرفت بخير الكتب تنزيلا ... لغة أهل الأرض والسماء
تباهوا بها فإنها احتوت ... كل اللغات وحوت النبهاء
لا تتبعوا سنن المتكبرين... فإنهم أتقنوا تلون الحرباء
ودوا لو يتحدثوا بها... غمدوا أجسادهم  في رداء الفقهاء    
عُجم لم يفطنوا مداركها...تنطعوا ببابها فقتلهم الكبرياء

يا كتاب ثورة التطهير... أميطوا الأذى عن عيون القراء
اقطروا السواد من الثرى ... اعيدوا للأمة مجد الآباء
مسخ الحديث ملأ مسامعنا... بئسنا عهود العتمة الظلماء
لوث الرؤوس فاشتعلت شيبا...هرمنا في عصر التملق والرياء
زخات قذفتها ألسنة حداد...أرصدة أوصلتنا حد البكاء
طهروا الأركان حنطا وطيبا...  اقطنوا تلافيف عقول الفطناء
انشروا العبق والذوق الرفيع... كونوا لعكاظ خير السفراء
مزقوا خيوط المتكاتبين أنكاثا... انسجوا بالعلم ثياب الأمراء
 اغرسوا فسائل فكر مثمر... تخرج سنابله عصب خضراء
تربو بها براعم أمة الخير... والله يضاعف لمن يشاء
عمروا بالفكر نوادي التأديب... كونوا نبراس العلم والعلماء
اغمسوا أياديكم بعبق الكتب...فإنها عادة تربي العظماء
كوكبة أدباء العهد الجديد...تلاشي بنورك نيازك البلهاء
عاضدوا ثقافة التحديث فكرا...عانقوا أصحاب الفكر البناء
قوموا سلوك وعقول أبنائنا... لعل الله يجعلها سخاءا رخاء
آنسوا وحدة النفس بالنص...فلابد للنفس من لحظة صفاء
اعملوا فليست الأحلام مدركة.. وليست الحياة تمن ورجاء
تآلفوا على كلمة الحب... واجعلوا النقد حب وإخاء
كوكبة الأدباء امضي حيثما... أراد الله لورثة الأنبياء
سيري وانهضي فالعهد بكر ... وتبقى الأمة عجبتها خصباء







الاثنين، 20 يونيو 2011

كاريزما واجتهادات شخصية أم برامج حزبية

كاريزما واجتهادات شخصية أم برامج حزبية
كثيرة هي الأحزاب التي شكلت بعد الثورة وكثيرة هي البرامج التي ستطرح وتقدم للجمهور، فعلى أي أساس سيتم انتخاب عضو مجلس الشعب القادم؟. لقد أصبحت الأحزاب القديمة والجديدة ذات أفكار متقاربة وأهداف متشابهة فمن أقصى اليمين إلى أقصى اليسار تتشابه كل زمرة من الأحزاب فيما بينها وتتقارب في الشكل والمضمون، فعلى أي أساس سيتم اختيار ممثلي هذه الأحزاب لينالوا ويتبوءوا منصب عضو مجلس شعب الذي سيمثلها.
في الماضي وعلى سبيل المثال كنا نختار الأستاذ/ خالد محيي الدين عن دائرة كفر شكر لأنه رجل ثوري حمل على عاتقه عبئ وتبعات ثورة يوليو هو وزملائه من الضباط الأحرار، فكنا نرى فيه الرمز والقدوة رغم أنه كان رئيسا لحزب التجمع الاشتراكي التقدمي الوحدوي، ولو اطلع البسطاء والعامة على أفكار واتجاهات الحزب بما تحمله من أفكار اشتراكية تحمل في طياتها تضاد مع فكرهم وفطرتهم التي تربوا عليها لما انتخبه أحد بل ولهاجمه الكثيرون.
أما في عهد النظام السابق وحزبه الذي كان هو المسيطر على الحياة الحزبية والبرلمانية كان يتم ترشيح واختيار عضو مجلس الشعب بالطرق التي ابتكرها خصيصا في البيئة المصرية، فكان الحزب يرشح عضوه عن الدائرة بمواصفات معينة منها، أن يكون ذا سطوة ونفوذ، أو منصب عام، أو رجل أعمال صاحب مصانع وشركات يعمل بها الكثير من العمالة، فكان الاختيار يتم على أسس طبقية أو عائلية أو حتى على أساس الولاء والطاعة العمياء التي اتصف بها كثير من أعضاء الحزب المنفذين للأوامر دون معرفة أو دراية أو نقاش، وابتعد الحزب عن الأسس المعرفية والعلمية والأكاديمية والفكرية بل حتى الخبراتية التي تفرق وتميز بين عناصره، هذا من جهة الترشيح والاختيار، أما بالنسبة لآلية التنفيذ أثناء الاقتراع والانتخاب فكانت تتم بعدة طرق مخترعة ومبتكره من جهابذة الحزب المنحل، فمن توزيع السلع الغذائية الضرورية على البسطاء إلى توزيع المفروشات والبطاطين، إلى الوجبات الغذائية الدسمة، إلى شراء الأصوات بمقابل مادي، إلى شحن أرباب العمل للعمال بالشركات والمصانع في حافلات للتصويت مقابل منحة نصف شهر أو مكافأة انتخابية. كل هذه الطرق رسخت فينا مبادئ الاختيار الخاطئ وشكلت فكرنا حول المنصب وعضوه.
فهل يتغير الشعب المصري وينسى كل الطرق السابقة في الاختيار وهل ستراهن الأحزاب والأشخاص المستقلين المرشحين للمنصب على وعي الناس وحسن اختيارهم والتغير الذي حدث بين عهدين وبين تاريخين، وأن الذي حدث من تطورات على الساحتين السياسية والاجتماعية سيمنع المظاهر السابقة التي اعتاد العامة والبسطاء عليها، وهل ستراهن الأحزاب الجديدة التي هي حديثة عهد بالحياة السياسية على برامج حزبية تقنع الناخب المصري، أم ستعتمد على الاجتهادات الشخصية لمرشيحيها، وخصوصا الذين شاركوا في الثورة وليس لهم خلفية سياسية أو أعمال جماهيرية إلا وجودهم في مجريات الأحداث، وكذلك الأحزاب القديمة التي كانت ديكور للحياة السياسية في العهد الماضي، هل ستعول على برامج حقيقية وجادة؟، أم على اسم أشخاصها وسمعتهم من ذوي النفوذ السياسي والاقتصادي وتدعهم باجتهاداتهم الشخصية وانجازاتهم الفردية.  
الانتخابات البرلمانية قادمة في سبتمبر المقبل كما أكد المجلس العسكري والشعب المصري أمام اختبار مصيري ستبنى عليه حياته السياسية والبرلمانية القادمة، فهل نحن أمام خيارات لكاريزمات شخصية وانجازات فردية، أم لدعاية نارية، أم بأموال سياسية، أم بخلفية حزبية، أم بوجبات فورية، أم بمناصب حكومية، أم بسطوة جاهوية، أم لمصالح شخصية.
 أم يقطع النظام الاجتماعي الجديد وتغييراته في المجتمع كل تلك المظاهر ويأتينا بخيار جديد يعبر عن وعي وثقافة ورقي مجتمع مصري تعلم من الماضي ووعى دروسه استعدادا للعهد الجديد.
    

الأحد، 19 يونيو 2011

همسات في نسائم الصبح

همسات في نسائم الصبح
إنها نسمات صبح جميل تشبعت بقطرات الندى ففاح عبيرها هواءا عليل، نهار جديد بدأت تنسج أولى خيوطه في هدوء ونرجسية مع سكون الحركة قبل أن تدب الدواب ويتحرك السكون وتستعر نار الجو مع تعامد قرص الشمس على الأشياء فهذا يوم من أيام يونيو صاحب نهار الصيف الطويل.
نظرا إليه فإذا هو قادم من بعيد يتسرب خياله بين أقرانهما، يحمل فأسه على كتفه، اضطربا رغم سعادتهما بهذا العبير القادم مع نسمات الصبح، همس أحدهما للأخر قائلا أتظن ما أنا به ظان، وتفكر بما يدور في خلدي الآن، قال ولما لا فلقد آن الأوان، قال أتراه يزلزل الأرض من تحتنا كما فعل بآبائنا، قال له يا صاح إنه جاد وما أظن أن هذا وقت مزاح، قال إذاً تمسك بالأرض جيدا ودعني ألف أوراقي حول خصرك ولف أوراقك حول خصري لعل الله يكتب لنا من تلك الزلزلة نجاة.
عودهما النحيل ما زال لا يقوى على تقلبات الطقس ولا على تقلبات مزاج الرجل ذو الأيدي الخشنة الذي خلع جلبابه وشمر عن ساعديه وبدأ يقلب التربة من حول أقرانهما.
أنساهما الموقف الفرح اليومي بعبير الصبح وتغريد العصافير وتراقص أوراق وأغصان الأشجار من حولهما، فهم في مواجهة خطر الاقتلاع وزلزلة الأرض من تحتهما بل وتعرية جذورهما، بدأ الخوف يدب في قلبيهما، تشبث كليهما بالآخر، تعانقا ولف كل منهما أوراقه حول خصر أخيه، وهم في مواجهة الرجل ذو الأيدي الخشنة.
امتطى الرجل ذو الأيدي الخشنة المصطبة الواقفان عليها وخربش الأرض بفأسه ونكشها نكشا فوارى شقوقها وقلب حصاها واقتلع الحشائش والمتطفلات والكلأ الذي أحاط بأقرانهما، وعندما اقترب منهما قال أحدهما للأخر: ماذا لو أخطأ ذو الأيدي الخشنة واقتلع أحدنا، إني أخاف أن يخطأ ويضرب أحدنا بفأسه المسنون، قال له صاحبه اعلم أنه ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك وكل شيء بقدر، فقط كن طبيعيا ولا تخف حتى لا تلفت انتباه صاحبك ذا الأيدي الخشنة، فإن خوفنا أذبل أوراقنا وأصفره، قال له صاحبه إذاً علينا بالتمايل مع الريح حتى ينتبه إلينا ونجذب نظره لوجدونا فيحافظ علينا.
اقتربت الفأس منهما وراحت تقلب الأرض حولهما باحتراف، فجاءتهما من أمامهما ومن خلفهما وعن أيمانهما وعن شمائلهما ومن فوقهما ومن أسفلهما ثم استلت شفرتها من بين أوراقهما لتقلب التربة من بينهما، فقطعت ورقة من إحداهما ودفنت ورقة تحت الحصى للأخر، وبعد أن انقشع الغبار نظر أحدهما للآخر وقال له ءأنت بخير أم أصابك مكروه؟، قال له صاحبه كل شيء على مايرام إلا أن إحدى ورقاتي قطعت والآن أنا أنزف، ولكنه نزفا خفيفا فالحمد لله، وماذا عنك؟ قال له صاحبه: إحدى وريقاتي دفنت تحت التراب ولكني بإذن الله سأقاوم حتى تخرج أو تذبل وتقطع فيخرج غيرها.
في ظل هذا المشهد وبعد أن أنجاهما الله من معركة "عزق الذرة" دار بذهنيهما المرحلة القادمة من مراحل صراع الوجود فجال في ذهن الأول موقعة "خف الذرة" القادمة وما إذا كانت ستناله يد الرجل ذو الأيدي الخشنة وتقتلعه من الأرض فتخلع جذوره ليعيش الآخر، أم سيكون هو من يكتب له البقاء إذا كتب الفناء للأخر، أما صاحبه فقد قال في نفسه إنها موقعة الخف القادمة التي لابد وأن يخلع أحدنا ليعيش الآخر، فنظر في وجه صاحبه، ففهما ما يدور بذهن بعضهما، فقام الأول بعناق صاحبه وهو ينزف سائله الكلورفيلي بينما انتفض الآخر وشد عوده ليعانق صاحبه فانقطعت الورقة المدفونه ونزف هو الآخر من طرفه المقطوع سائلا  كلوروفيلي كصاحبه، وقالا معا: مهما كان المصير فإننا بنو ذرة سنحافظ على نسلنا وسينجب من يبقى فينا ذريته لنعيش حياتنا وصافح كل منهما الآخر، وابتسما وتراقصا سويا مع نسمات الصبح فيما مر من فوقهما الرجل ذو الأيدي الخشنة بعرقه المتساقط فوق أوراقهما وكأنه سحابة صيف مرت سريعا على أحلامهما، فأرجئ بذلك التفكير في المصير حتى إشعار آخر.