إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 17 ديسمبر 2011

غثاء


غثاء
يظهر للرائي بكتلة ضخمة متراكمة متراكبة صغيرها فوق كبيرها، يمتطي ظهر حامله لأنه كسيح لا يتحرك ذاتيا، فيتحرك إذا تحركت مطيته وإذا ركدت ركد، ظاهره التراص والتنظيم، أما باطنه تواكل وهشاشة وضعف، لا يتحكم في ممتطيه بل يتحكم ممتطيه فيه، فإذا اشتد سريانه فرقه وشرذمه، وإذا خمل وركد كدسه وراكمه، كتلته خادعة إلا أنه عند الامساك به ينتشل ويصفى ويقبض عليه ويعصر فيتضاءل وينكمش حجمه، يحب العوم ويكره الغطس، فهو طاف دائما لا يرسخ ولا يمكث في الأرض، ودائما ما يذهب جفاءا.
الميتة والعبوات الفارغة والهشيم أعضاؤه، لا يتداعوا ولا يعتصموا إلا في الكسل والخمول، تجمعهم المستنقعات وتفرقهم فورة الطوفان، حين يأذن الخالق بميلاد جديد، تشرق الشمس، وتجف البرك، وتشقق التربة، فيجف ويتحطم فتذروه الرياح، وتخرج الأرض من بقاياه البراعم، إيذانا بنبت جديد غير مصاب بالوهن.

الأربعاء، 14 ديسمبر 2011

الحرام



الحرام
قدمها له أحد أصدقاء السوء في ليلة ماجنة ليتمتع بها ، نظر إليها مستحسنا إياها ثم رمق صديقه بعين ريبة وقلق، فبادره صديقه مومئاً إليه برأسه وغامزا بعينه أن انطلق، يختلي بها في أولى نزواته متوجسا خيفة منها، يمسكها بأصابع رعشة، وبأيد باردة مترددة يقربها منه، بعيدا عن الأعين يمتص عقبها فيصاب بالدوار وتتقلب أركان الغرفة رأساً على عقب، وبهذا تبدأ قصة معاشرتها له.
بعد أن كان يتوارى بها خجلا من بعض الأقارب، واحتراما للبعض الآخر بات يصطحبها معه عيانا بيانا على أعين الناس، رأى بعضهم رجولته في صحبتها، بينما تنبأ العقلاء بسقوطه معها لأنها علاقة غير شرعية.
زادت علاقته المحرمة تطورا فأصبح شرها في تناولها، يلعقها قبل أن يتنفث خبثها، ويزداد تردده عليها فأصبح يتناوبها أكثر من عشرين مرة يومياً، يهديها لأصدقائه حيناً، ويهدون أخواتها المتراصات بجانبها له أحيانا.
ظهرت عليه علامات صحبتها ونيلها من شبابه الذي أهدرته، فازرقت شفتاه وانحنى ظهره واشتعل رأسه شيبا قبل الأوان، في أخر زيارة للطبيب نصحه أن يقلع عنها ويترك طريقها الآثم الذي لا عودة منه، فتصلب شرايينه، وتضخم عضلة قلبه، والتهاب رئته، هم نتاج العلاقة الآثمة، فبدا له مؤخرا أن علاقته بالسيجارة كانت نزوة محرمة وعلاقة غير شرعية، وأن التدخين آفة العصر التي أهلكت الذرية وحصدت ثمرة شباب العالم، لهذا قرر الأقلاع عن تلك العلاقة فورا ليتمتع بباقي حياته.