إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 17 يونيو 2011

المنتج الصيني وثقافة المستهلك المصري


في نهاية الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي تحرك برنامج الصناعة المصرية حتى وصل إلى أوج مجده في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتصنيع صاروخي القاهر والظافر والطائرة حلوان 300 والقاهرة 200 والطائرة الجمهورية إلى جانب مصنع نصر لصناعة السيارات والعديد العديد من الصناعات الزراعية والتكميلية والبترولية التي كانت وافدا جديدا على البيئة المصرية، وبنكسة يونيو 67 انفضت الساحة الصناعية المصرية وتبخر الحلم المصري في مجاراة الدول المتقدمة نحو صناعات القمة التي تعتمد عليها تلك  الدول اليوم، والتي كان من المقرر أن تعد مصر من إحداها إذا استمر برنامجها الصناعي آنذاك والذي بدأ قبل العديد من الدولة الصناعية اليوم كالهند وماليزا وسنغافورة والبرازيل والأرجنتين، وأيا كانت أسباب توقف تلك الثورة الصناعية فإن نتائج توقفها أثرت في تاريخ الأمة المصرية منذ نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين الأمر الذي أدى إلى تأخر سرعة دوران عجلة التكنولوجيا والاعتماد على المنتج المستورد عالي التكنولوجيا رخيص الثمن الذي يشبع حاجة السوق ويؤدي الغرض المطلوب دون اللجوء لإجراءات الاستنساخ والتصنيع العكسي ودون اللجوء لتكاليف إنشاء خطوط إنتاج عملاقة لمنتجات هي في متناول اليد ورخيصة الثمن.
ولعل الصين إحدى هذه الدول التي بدأت مبكرا في توليف وتوطين الصناعات التكنولوجية الحديثة التي أثرت في مجرى الأحداث وقلبت الموازين رأسا على عقب مما أدى إلى ريادتها في العديد من تلك الصناعات التي يوجد بيننا وبينها الآن برامج تصنيع مشتركة ونقل للتكنولوجيا وخصوصا في مجال الصناعات العسكرية كبرنامج المقاتلة FC1 وطائرة التدريب K8 وبعض البرامج الأخرى في المجالات الأخرى التي تهم الشأن المصري.
ما يؤسف له فعلا أن تكون هناك منتجات "بير سلم" يقوم عليها هواة صينيون بتسهيلات من دولتهم وأيضا بتسهيلات تسوقية من دولتنا فيتم رواج تلك البضائع في السوق المصرية بطريقة فجة معظم هذه المنتجات يستخدم لمرة واحدة ولا يمكن اصلاحه أو صيانته لعدم جودة خاماته او كفاءة تصنيعه ويتم التهافت عليه من المستهلك لعدم وجود بديل وطني رغم وجود الامكانات والقوى البشرية التي تستطيع صناعة منتج منافس لتلك المنتج وبمواصفات وجودة أعلى فيكون سببا في تشغيل وفتح سوق جديد وعمالة وطنية ذات خبرة، ودورة انتاج تصب في صالح المواطن والدولة، فهل تتغير ثقافة المواطن بتشجيع المنتج الوطني المماثل لهذه المنتجات المستوردة وهل سيتم تفعيل دور الصندوق الاجتماعي للتنمية وإنشاء صناديق أخرى مماثلة للمساعدة في امتصاص هذا القدر الهائل والكم الكبير من طاقات هذا المجتمع، وهل نبدأ في توطين صناعات صغيرة ومتوسطة بكفاءة وجودة مقبولة تنمو على المدى البعيد لتوطن لدينا صناعات ثقيلة وكبيرة الحجم ذات تكنولوجيا ومواصفات مرتفعة تنهض بنا بعد فترة العقم الماضية.

   

سبحان من جعلها سلمية

اليمن السعيد دولة ذات تضاريس وعرة وعادات وتقاليد خاصة، فالجبال في اليمن هي سكن معظم السكان الشماليين، والحياة القبلية هي سمة من سمات هذا المجتمع، ولذلك فالتعامل مع هذه البيئة هو من الصعوبة بمكان نظرا لوعورة الأرض والتقسيم القبلي للسكان، فترى المواطن اليمني دائما ما يحمل حول خصره خنجر أو سيف للتعامل مع هذه البيئة وهوامها، حتى أصبح حمل السلاح عادة يمنية أصيلة للمجتمع اليمني.
ولعل من أضعف مظاهر حمل السلاح في اليمن أن تجد مواطنا يحزم نفسه بخنجر أو سيف فهذا من أضعف التسليح، أما أعلاها وأفجها هي أن ترى مواطنا يمتلك دبابة أو مدفعا مضادا للطائرات أو مضاد للدروع أو قاذف هاون فهذا هو قمة مظاهر التسلح في هذا البلد القبلي.
لقد ذكر لنا بعض أصدقائنا اليمنيين بأن السلاح بكافة أنواعه وأشكاله بدءا من الطبنجات التسعة مليميتر وحتى الرشاشات الآلية تباع في محلات البقالة وكذلك ذخائرها وملحقاتها.
إن الثورة اليمنية وصبغتها السلمية هي مثال جيد للتغيير السلمي ولثورات الشعوب الملتزمة الطيبة التي تريد العيش بسلام وأمان، لذلك فإن هذا المثال ربما يؤتي أكله ولو بعد حين نظرا لالتزامه بعدم العنف واعتماده على أسلوب حضاري في التعامل مع الآخر.
إن التزام الثوار في اليمن بعدم الاحتكام للسلاح رغم وجوده بغزارة هو التزام أخلاقي يجب النظر إليه من أهل السلطة هناك، والتزام النظام الحاكم بعدم مقابلة هذا الخيار بخيار العنف هو واجب يجب أن يلتزم به ولعل اتخاذهم الثورة المصرية والتونسية قدوة لهم، ووضع الأحداث في هاتين البلدين نصب أعينهم هو ما حافظ على عدم الانجرار إلى العنف حتى الآن رغم طول المدة التي تم فيها هذا الحراك السياسي واستمراره حتى الآن، لذلك يجب الإسراع في نقل السلطة بطريقة سلمية ليظل الوضع السلمي قائم، وخصوصا بعد إصابة الرئيس على عبد الله صالح والذي يوضع حول إصابة العديد من علامات الاستفهام فمن له مصلحة بقتله.
حمى الله اليمن الشقيق وشعبها التقي النقي من كل مكروه وسوء وأخرجهم من هذه الغمة بمن يرعى شئونهم ويصلح ذات بينهم ويقودهم نحو الأفضل.

  

الأربعاء، 15 يونيو 2011

سياسة الدين ودين السياسة

سياسة الدين ودين السياسة
الدين والسياسة نظامان يهيئان لوضع الإنسان ومعيشته على الأرض روحيا وجسديا، فهما منظمان لحياته، فالدين نظام إلهي أنزله الله على الناس لينظم أمور معيشتهم ويضع معايير ومقاييس وضوابط للتعامل فيما بينهم،  وهو نهج ينتهجه الإنسان ومعتقد يقتنع به يعيش على شرائعه وحدوده ليتعرف على الله فيعبده حق العبادة ويتقيه حق التقوى، أما النظام السياسي فهو نظام يضع معاييره ومقاييسه وضوابطه القائمون على حكم مجموعة من الناس فيما بين الأسرة والعائلة والقبيلة أو القرية والمدينة والولاية والدولة، فهناك نظام سياسي يحكم بالعرف والقانون والتشريع هذه التجمعات والكيانات، وكلما اتفق هذا الحكم السياسي مع تعاليم وأوامر ونواهي الدين كلما كان متفقا مع فطرة وخلق الله الذي فطر الناس عليه.
الدين نظام إلهي أعم وأشمل نزل من عند الله ليحكم وينظم حياة البشر، وهو يحتوي كل اجتهادات وتشريعات البشر، فكل الكتب السماوية نزلت لتنظيم حياة الإنسان وتعريفه بربه وخالقه،كما أنها تهيئ له حياة صنعها الله له كما صنعه، وخلقها له كما خلقه، لذلك فإن قوانينها التي أنزلها العليم به لا يمكن أن تكون مضادة لخلقه وجبله "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير".
إن فطرة الله التي فطر الناس عليها تقضي وضع تشريعات وتنظيمات وحدود تكون خادمة لتلك الفطرة، ولعل الشذوذ عنها هو ما يضع حياة ذوو هذا الشذوذ في أوضاع الشقاء والنصب والتعب، بينما يجد من تمسك بحكم الله وشرعه ومنهجه الذي جاء في دينه يجد السعادة في الدنيا والآخرة.
الدين والسياسة أب وابن فإذا ورث الابن من أبيه خصاله ورباه أباه على ما أنزل الله فعاش في طاعته، عاش سعيداً لم يلق مصاعب ومتاعب في حياته، أما إذا عاق الولد أبيه وعصى أوامره ونواهيه تعب ونصب ووجد من مخاطر المجازفة والسقوط ما يجعله يحيد عن الطريق القويم، فيخسر عمله ويضل وهو يحسب أنه بذلك قد يحسن صنعا، فيشقى في الدنيا والآخرة.      
إذاً فإن سياسة الدين تقضي بوجوب تنظيم حياة الأمم والشعوب على ما أنزل الله لها من كتب ورسالات نزلت على قلوب رسل وأنبياء قاموا بإيصالها للناس فوعاها وفهمها السعداء وتركها وصد عنها الأشقياء.
أما دين السياسة فهو كما يشكله ويختاره الساسة فإذا ابتعدوا عن حكم دين الله وفطرته في خلقه، شططوا بهذا الاختيار فوقعوا في دائرة الانهيار، ولعل لنا في قصصهم عبرة إن كنا من ذوي الألباب، ففرعون وقارون وهامان وجنودهم كانوا خاطئين، وامرأة نوح وامرأة لوط كانتا من الخائنين، وإبليس وجنوده بهذه السياسة هم من الهالكين.
إن زعماء الغرب بعد أن وعوا حقيقة دين الله وشرعه الذي توافق مع فطرة الإنسان وخلقه، قاموا بتطبيقه بعد عصور من التخلف والاستبداد، نهضوا به من الظلام إلى النور، ومن الباطل إلى الحق، فعاشوا أزهى عصور السياسة المنساقة خلف تعاليم دين الله، حتى وإن كانوا قد جحدوا هذا الدين وكفروا به، فأنهم لا يكذبون أنبياء هذا الدين ولا ما جاءوا به، بل إنهم بآيات الله يجحدون، أما نحن فقد آمنا وأيقنا بأن أنبياء الله حق ودينهم وشرعه حق، ولكننا فقدنا تطبيق آلياته وقوانينه، ونحيناه جانبا وذهبنا وراء حركات هلامية وهمية، ساقوها لنا لإلهائنا وتضليلنا، فعلمنا الدولة نظريا دون أن نعلمنها تطبيقا على الأرض، فصرنا بذلك للأمية عنوان، وللمتاهة صنوان، فلا طبقنا سياسة ديننا، ولا أنهلنا من شرعنا منهلا يكون لدين السياسة نبعا حينما تتعثر خطواتنا.
إن سياسة حكم البلاد بما أنزل رب العباد جديرة بأن تجعل خير أمة أخرجت للناس تقود وتتميز بعد أن انساقت واتبعت وكفيلة هذه السياسة بأن تحقق الخيرية وأن تحقق الوسطية، فهلا استنهضنا هممنا ورجعنا إلى سبيل ربنا، هل آن وقت التطبيق في هذه الفرصة السانحة.