إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 29 مايو 2011

عفوا أيها الوطن... كلنا متمردون


عفوا أيها الوطن... كلنا متمردون
إنها أيام عصيبة، تلك الأيام التي نرى فيها شكلا من أشكال الفوضى وعدم الإمساك بزمام الأمور في وقت نبحث فيه عن مفهوم قد غاب عنا كثيرا أو غيب بفعل شرذمة مفسدة في الأرض، إنه المفهوم الذي ما زلنا نحاول فك رموزه وحل شفرته التي وضعت لنا بتلك القوانين الوضعية التي استنسخناها عن غيرنا رغم اختلاف التوجه والهدف والمعتقد والفكر. لذلك فإن مفهوم الحرية الذي نبحث عنه ولا نجده الآن قد تلاشى منذ زمن بعيد بأفعالنا التي تباينت فيمكن وصفها بالمتكاسلة وغير الآبهة قبل ثورة 25 يناير والمندفعة وغير المحسوبة أحيانا بعد الثورة.
إن مفهوم الحرية في المجتمع قد حدده الدين الاسلامي الحنيف وبينه في كثير من المواضع عندما حث على تحرير الرقاب وبذلك فشرعنا هو أول من نادى بالحرية واصل مفهومها من خلال منظومة من التشريعات والقوانين الربانية التي حثت على عتق الرقاب والمساواة في التعامل بين الناس وأن لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح ففي حد الظهار أوصى بتحرير رقبة من قبل أن يتماسا كما بين في مواضع عديدة كالقتل الخطأ وغيرها من المواضع التي كان فيها تحرير الرق أولوية شرعية. وكذلك المساواة في التعامل بين أفراد المجتمع فهذا رسولنا الكريم يضرب لنا أروع الأمثلة عندما نجده في إحدى المعارك يرص الصفوف فيقول لأحد الصحابة عدة مرات ساوي الصف وعندما لا يجد استجابة يوكزه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول له الصحابي أوجعتني يا رسول الله فيقول له اقتص مني ويكشف عن بطنه الشريف فيقبلها الصحابي، ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.
إن بعدنا عن تعاليم شرعنا وإتباعنا سنن غيرنا أفقدنا القدرة على تفسير مفهوم الحرية الناتج عن ثورة 25 يناير فلا نحن طبقنا مفهوما صحيحا للحرية يكون أساسا نبني عليه فيما بعد ولا نحن ارتدعنا بوازع ديني أرشدنا إلى كيفية التعامل فيما بيننا حتى نخرج من عصور الاستعباد والاستبداد التي مارس فيها بادي الرأي وأراذلنا أبشع طرق الاستعباد والاستبداد فينا فتحولنا اليوم إلى متمردين من أعلانا إلى أسفلنا ومن كبيرنا إلى صغيرنا.
إن حالة التمرد الحالية التي تسود المجتمع وتسيطر على سلوكه في ظل هذا الوضع المهلهل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ستؤثر لا محالة على مسيرة الدولة بعد الثورة فتمرد بعض قيادات الشرطة وعدم النزول إلى العمل من ضباطها أدى إلى نوع من عدم الأمان في المجتمع وتفشي حالات السرقة والسطو وغيرها من أعمال البلطجة، كما أن تمرد العاملين بالحكومة على أوضاعهم الوظيفية أدى إلى تباطؤ الإنتاج وتوقف حركة العمل أحيانا، وكذلك الأطباء وإضراباتهم والسائقون ووقفاتهم والمعتصمون واعتصاماتهم علاوة على الأزمات الخارجية كأزمة غاز البوتاجاز وأزمة السولار أدت إلى شل حركة الحياة أحيانا وأدى إلى زيادة الحنق والشعور بالضيق الأمر الذي أدى إلى تكالب الناس على حاجاتهم باستخدام القوة بكافة أشكالها وأدواتها.
التمرد اليوم أصبح حالة مرضية متفشية في مجتمعنا وصلت إلى شباب الثوار أنفسهم فالانشقاقات والتفسخات أصابت العديد منهم وذلك لعدم وضوح الهدف وتضارب الفكر والتوجه ولعل ما حدث أثناء انعقاد جلسات الحوار الوطني هو أحد مؤشرات هذا التفسخ،فهل هذا ما كنا نصبو إليه؟.
إن حالة التمرد الحالية يلزمها وقفة ثابتة من القائمين على إدارة شئون البلاد يتخذون فيها قرارات صعبة وحازمة ويتم من خلالها تطبيق القانون والضرب على يد كل خارج حتى نخرج من هذه الحالة التي إن طالت فستكون عواقبها وخيمة على الجميع، فالفرق بين الحرية والفوضى شعرة إما أن نقطعها ونذهب إلى المجهول أو نحافظ عليها فتأخذ بأيدينا لبر الأمان.