إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 13 ديسمبر 2010

إرهاصات الجوع

 
جمعني القدر بصديق أكول، محترف الطهي وفي الأكل عجول، اقترح علي الخروج، وعلى شاطئ جدة نخرج ونجول، فقلت له بها ونعم فلقد أصبحت بالهم كهول، ولأنه مغرم بكل ما يسمى في اللغة طعام، فقد اصطحب معدات الشوي وهو في ذلك لا يلام، وأوصاني بدجاجتين لتكونا وجبتنا قبل الكلام، فأعددنا العدة وقمنا إلى البحر بعد نهاية الدوام، فأشعل النار على الفحم، وتجاذبنا أطراف الكلام.
ولأنه لا يحب في السياسة كلام، فقال لي هذه نصيحتي قبل الكلام. "كل ما يعجبك، وتكلم بما يعجب الساسة". فقلت بيني وبين نفسي "وكأنها ليلة عويصة". فقلت له: يا هذا دعك من هذا الهراء، فلابد من هضم هذا الغذاء، فقال "السفن أب" يكفي، وهواء البحر القادم عبر الموج يغني. قلت لا لن يكون للسهرة "طرب" إلا بالخوض في الأمور الشرق والغرب، فحدثني عن العُرب. فقال إذن فلنبدأ بالغرب، فما رأيك بتسريبات "ويكليكس"، فتنهدت تنهيده وأخذت نفساً عميق، عله يزيح ما به الصدر يضيق، وقلت له كلها صحيحة وما أضافت جديد، فكيدهم معروف، وما تكنه صدورهم أكبر، والعيب فينا والفساد صنوف، فقال وماذا عن المفاوضات، قلت رجس ترعرعنا عليه، وهو باق حتى الممات، فقال وما بالك بالقرش الأبيض، وهل أتى في اليوم الأسود. فقلت له "أية" للقوم، وقدر محتوم، ولكن خبراء السياحة لا يعلمون، قال وما بالك بفريق الخبراء، أكله محض هراء، قلت له أجبت نفسك وأصبحت من الفقهاء، وما الصرف عليهم إلا من دم الفقراء، قال وملفات التجسس ألم ننتهي من هذا الصراع المدنس، قلت: عدوهم الأول وسنبقى، فالشيطان لهم يوسوس، يهود لا أمان لهم ولا عهود، الغدر ديدنهم والجبن شيمتهم، ويغرون بالمال ضعاف القلوب.
فتحمس أكثر وقال وماذا عن الانتخابات، ألم تكن في أسوء الحالات، فقلت تذكر أنت الذي تدخلنا في المتاهات، ويبدو أنك بت سياسياً حتى الممات، قال كلا إنها إرهاصات، أزلفتني فيها بكل المؤثرات، ويبدو أن قدمي ستذل بعد ثبوتها إلى مستنقع الظلمات.
لذلك فهذا آخر سؤال، وأياً كان الحال، فلن تجد لي حديثاً إلا عن أهل المال، فأنت تعلم أن هواي تجارة، وحسابي مكسب وخسارة، وتخصصي بيع وشراء وأصحابي أهل عقار وعمارة.
ولكي لا تكدر صفو ليلتي ودسامة عشوتي، فهذا فراق بيني وبينك، قلت له والانتخابات، قال لا شأن لي بها، ودع أمرها لأهلها، فالداخل فيها مفقود والخارج منها مولود، فقلت له انتظر حتى نلم العدة، لا تهرب من تلك الشدة، هل هذا هو حق العشرة، ولماذا الآن تهرول، بخفة وزن ونشاط، وتتركني وتسحب من تحتي البساط.
قال يا سيدي كلها معادلات ندخل فيها دون حلول، والجدل فيها مغلول، فلماذا بعد أن استمتعنا بالشط، تأتي وتنغص ليلتنا، وتطفئ شموع سهرتنا، فالآن انهضم الأكل، ولا يكفيني حتى البط، فكلامك يثير عصارة معدتي، ويزيد إنزيمات الهضم.
وتمتم ببعض الكلمات بكلام خافت محتاط، وقال خسارة وميت ألف خسارة على تلك الأكلة الجبارة ضيعها هذا الموجوع، بحديث ليس منه رجوع.
قلت له: ماذا تقول ارفع صوتك كي أسمع، أتتمتم لمن بالساسة مفجوع، قال: كلا، أتمتم من إرهااااااصاااااااااات الجووووووووووووع.