إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 8 ديسمبر 2010

لماذا قطر العروبة؟

في ظل منافسات الدول التي تقدمت لاستضافة وتنظيم كأس العالم 2022م.وهي: الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، كوريا الجنوبية، استراليا، قطر. لم تجد الأخيرة صعوبة في اقتناص بطاقة التأهل لاستضافة وتنظيم هذا العرس الكروي العالمي، الذي لطالما أشعل حماس العالم، ولفت أنظاره لهكذا حدث منذ تنظيمه عام 1934م، في البارجوي بأمريكا الجنوبية. ولأنه يزيد الدول المضيفة تباهيا بتنظيمه ويسلط الضوء عليها لعدة أشهر فقد أصبح السباق عليه من أصعب السباقات التي تخوضها الدول لنيل شرف تنظيم تلك العرس.
ولأننا في عالم استأثر فيه الغرب بامتلاك زمام المبادرة وبات المتحكم في مصير الكرة الأرضية من شرقها لغربها فلم يكن اختيار قطر إلا من خلال قرابين قدمتها لتنال ثمرة هذا الجهد الذي بذلته منذ سنوات باتجاه اللهث وراء هذا السراب.
ولأن قطر من أغنى الدول العربية وتصنف من أولى الدول التي يمتلك فيها الفرد أعلى دخل سنوي عربيا، لم يكن أمام قطر أي صعوبات في تقديم القرابين، ولأنها تمتلك سياسة غريبة غير التي تتبعها جاراتها العربيات، فكانت التنازلات أيضا من أهم ما قدمته للظفر بتلك الكعكة الوهمية، والتي ستبذل لأجلها كل مجهودها، وتسخر كل إمكاناتها لتنظيم مونديال مكيف يتماشى مع جو الغرب في فترة الاستضافة. ولما لا إن كان ذلك سيرضي الغرب بجانب القرابين المقدمة.
فمن بوابة إسرائيل الواسعة تجد قطر نفسها أمام الحدث غير مصدقة لما جرى وتصبح أضغاث الأحلام واقعا ملموس بعد اثنتي عشر عام تقضيها قطر في تقديم التنازلات تلو الأخرى، والقرابين تلو الأخرى لتحقيق ما يرضي الغرب بل وتسخر كل إمكاناتها المادية لتحقيق تنظيم أسطوري ليس له مثيل.
واختيار الغرب لقطر ليس من قبيل الصدفة فهناك ما يدعو لاستغلال ثغر من ثغور الوطن العربي الكبير فقاعدة العديد الأمريكية صاحبة أطول ممر حربي بالمنطقة سيتعزز دورها وستتوسع رقعتها بحجة الحماية والمراقبة، والتمثيل التجاري والثقافي والدبلوماسي سيزداد ويصبح علنيا رغم عدم حاجة قطر للتطبيع مع إسرائيل، وكذلك الدور المساعد الذي تلعبه قطر لإيران سيتوسع ويزداد لعدم تقاطعه مع مصالح الغرب وحرصه على عدم المواجهة مع إيران نووية قادرة على إيذاء الغرب في المنطقة بتحريك أذنابها. وبذلك يصبح العرب هم الفريسة الأضعف التي يدور حولها الفرس والروم وسباقهم نحو نيل النصيب الأكبر منها بمساعدة قطر التي تشذ عن الجماعة.
لقد ضحى الغرب بجزيرته الساحرة الواقعة في أقصى الجنوب الشرقي للكرة الأرضية وحرمانها من تلك الفرصة التي لم تحظى بنيلها فقد كان من المنطقي بالمنظور الغربي أن تستضيف استراليا هذا المونديال في هذا التوقيت بعدما تقدم للملف دولا لم تزل تداعيات استضافتها للمونديال حاضرة في أذهان الفيفا. فأمريكا واليابان وكوريا الجنوبية لازالت أصداء تنظيمهم لهذا الحفل الكروي محط أنظار النقاد والمحللين ومن غير المنطقي أن يرشح الفيفا أحدا منها حتى وإن كانت أمريكا نفسها لعدم بث الملل وعدم التغيير في نفوس عشاق المليارات من البشر لتلك اللعبة الشعبية العالمية. ولأن تضحيات قطر تثير إسرائيل ويهود العالم ومن ورائهم أتباعهم فقد كانت الكلمة العليا للمال القطري والتطبيع القطري، في ظل منافسة هشة.
قد تنظم قطر بطولة عريقة ونتمنى لها ذلك، وقد تكون محط أنظار العالم في هذا المونديال وأن تبهر العالم باستاداتها المكيفة في حر صيف الخليج وهذا يجعلنا نشهد لها بالطموح وتحدي الواقع، لكن التاريخ لن يرحم قطر إذا كانت مدخل إسرائيل للخليج، وورشة تدريب الأمريكان لسحل شعوب المنطقة الضعيفة، وأداة إيران وأذنابها في التوغل لأرض الحرمين الشريفين.