إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 23 يناير 2011

الحروب النفسية وتغيير الرأي العام

في عالم التكنولوجيا والاتصالات الحديثة اليوم تستخدم الدعاية كوسيلة لتطويع وتغيير الرأي العام للجمهور داخل الدول، و تعتمد الدعاية على الجمهور المتلقي ومدي وعيه وإدراكه وتفاعله مع الرسائل الدعائية وما تحتويه.
وللدعاية أنواع ووسائل عديدة فمن أنواعها الدعاية البيضاء وهي تركز على الايجابيات لتلميع شخص أو جهة أو دولة ما، مثال: (تلميع الفضائيات الخاصة لأصحابها وإبراز دورهم الخيري والاجتماعي في المجتمع) وهناك الدعاية السوداء وهي التي توجه ضد شخص أو جهة أو دولة ما لتشويهها، مثال:(استخدام إسرائيل الدعاية السوداء ضد العربي وتصوريه على أنه همجي ومتخلف لرسم صورة سيئة له في أذهان شعوب العالم)، أما الدعاية الرمادية فهي التي تقوم على بعض الحقائق تضاف إليها كثير من التأويلات والتفسيرات الخاطئة وبعض الأكاذيب، مثال: (استخدام قنوات فضائية كالجزيرة هذه الدعاية ضد دول تختلف سياستها مع سياسة الدولة المشغلة لها) وقد ساومت قطر بهذه القناة أكثر من مرة لتخفيف ضغط تلك الدعاية مقابل تلبية مطالب سياسية معينة.
أما أساليب الدعاية فهي كثيرة ومتنوعة ومن أقدمها أسلوب التكرار والملاحقة، وقد استخدمته إسرائيل ضد العرب بعد 67 لكسر الروح المعنوية لهم ورفع الروح المعنوية لجنودها وانتهى أسلوب التكرار والاستفزاز الإسرائيلي بغرق المدمرة إيلات على أيدي أبطال البحرية المصرية، فلم تستخدم إسرائيل هذا الأسلوب معنا لاحقا، وخصوصا عندما يستخدم هذا الأسلوب في الدعاية العسكرية.
الأسلوب الثاني من أساليب الدعاية هو أسلوب إثارة العاطفة وقد استخدمه "هتلر" ووزير إعلامه "جوبلز" في زيادة الاستجابة العاطفية للرأي العام الألماني وكذلك استخدم هذا الأسلوب النظام الفاشي في إيطاليا وكانوا يدقوا على نغمة العاطفة لشعوبهم بشعارات قوية فالشعارات هي أفيون الشعوب.
أسلوب إثارة العاطفة انتشر بقوة في مصر إبان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر (رحمه الله) وأدى إلى زيادة الحماسة ورفع الطموح إلى أن أفقنا على كارثة 67.
لذلك فقد استخدم الأسلوب الثالث في الدعاية وهو أسلوب عرض الحقائق وتعلم النظام من أخطائه فكان يتعامل بعقلانية وعرض جيد للحقائق أمام جماهيره بداية من حرب الاستنزاف ومروراً بأحداث حرب أكتوبر المجيدة والتي صدق فيها الجمهور كل خبر لعرضه حقائق واضحة وصحيحة، وانعكس الحال في الإعلام الإسرائيلي في تلك الحرب حيث اتسم بالتخبط والاضطراب وعدم المصداقية.
أما أسلوب تحويل انتباه الرأي العام عن قضية معينة فيتم عن طريق إشغال وتحويل انتباه الرأي العام إلى موضوع أخر يكون على قدر أهمية الموضوع الأول أو أكثر منه أهمية.
أما الحروب النفسية فتستخدمها أجهزة المخابرات للتأثير في الرأي العام وتقليبه ونذكر منها هنا ثلاثة وسائل هي الشائعات وافتعال الأزمات وإثارة الرعب.
فالشائعات سلاح ذو حدين يستخدم في الخير والشر فتستطيع قناة الجزيرة نشر شائعة سلبية عن اجتماع مجلس الدفاع والأمن القومي المصري بعد أحداث تونس لتحريض الرأي العام المصري ضد نظام بلده، أو بث شائعة تلويث مياه النيل بفيروس أنفلونزا الطيور في عام 2006.
أما التوظيف الإيجابي للشائعة فقد استخدمه الرئيس الراحل أنور السادات (رحمه الله) بكل حرفية عندما سرب خبر عدم الاستعداد للحرب فكانت المظاهرات قبلها أو خبر نية الجيش تسفير أعداد كبيرة من الضباط للعمرة في رمضان حرب أكتوبر. وكذلك استخدم هذا التوظيف للشائعة عندما ذكر مدير الأمن الرئاسي للرئيس التونسي بأن الهجوم وشيك على القصر الرئاسي فكانت الشائعة سببا في خروج رأس النظام وهروبه خارج البلاد.
أما افتعال الأزمات فهو ما نعيشه هذه الأيام وما أشبه اليوم بالبارحة فمحاولة اغتيال "لورد موين" من قبل الصهاينة وتفجير بعض المنشآت الأمريكية في القاهرة للوقيعة بين مصر وكل من أمريكا وبريطانيا في خمسينات القرن الماضي، تتكرر الآن المحاولة بتفجير كنيسة القديسين وأياً كانت الجهة التي وراء التفجير إلا أن الأثر الواضح الآن هو افتعال أزمة داخل المجتمع المصري.
أما إثارة الرعب فهو أسلوب متبع الآن من قبل إيران باستعراض لبعض الصواريخ لتأليب الرأي العام الخليجي وإثارة الرعب داخله كما تفعل ذلك الأسلوب إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وضد الدول العربية كما أن التجارب النووية والمناورات العسكرية والاستعراض بين كثير من الدول كالهند وباكستان أو روسيا والصين وأمريكا كلها تصب في هذا الاتجاه.