إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 23 يناير 2011

مشكلتك ليست مشكلتي

في موجة حرق النفس الأخيرة التي دارت رحاها في بر مصر تأسيا بشعلة البوعزيزي، التي أوقدت نار الثورة التونسية، رأينا عشرات الشباب الذين قاموا بحرق أنفسهم وانتحروا بطرق أخرى كشنق النفس والإلقاء بأنفسهم من فوق المباني المرتفعة ومن أعلى الكباري كل على طريقته وحسب ما يحلو له. ومن المطالبة بحصة خبز زائدة لمطعم إلى من يعاني مشكلات اجتماعية بسبب خطف ابنته، وبسبب خلافات أسرية، أو من احترقت اعتراضاً منها على أوضاعها المعيشية، أو من يعانى من ظروف معيشية صعبة وغير قادر على الإنفاق على أسرته، نجد كل هذه الأسباب التي أدت إلى انتحار هؤلاء هي أسباب خاصة فهل أصبح ربط المشكلات الخاصة بالمشكلات العامة في مصر هو ربط واقعي وحقيقي.
الكل يريد التغيير وتحسن الأحوال، الكل يريد لفت الانتباه إلى المشكلة الكبرى وهي عدم العدالة في التوزيع، والبطالة وتدني الأجور، وكل ذلك بعيدا عن اللعبة السياسية ودوامتها، الكل يهمه فقط العيش الكريم بتوافر الحد الأدنى من مقومات الحياة والقدرة على استدعائها حتى وإن كانت بسيطة، وكذلك العيش بكرامة  في  الوطن  دون التعرض لهم بلفظ خادش أو تعذيب في قسم شرطة  دون ذنب أو جريرة.
البوعزيزي ربط مشكلة خاصة له بالوضع العام وهذا حقه طبعا كما أن الذين انتحروا فرادى لهم الحق في الامتعاض من المشكلات العامة التي أدت إلى معظم المشكلات الخاصة بالطبع لكننا ننتبه متأخرين جداً لدرجة أننا نجعل المشكلات العامة تتراكم ونسكت عنها حتى تستفحل وتؤدي إلى عقبات وعثرات خاصة  في حياة كل منا على حدة.
لماذا عدم الاتحاد والعكوف على حل المشكلات العامة التي تظهر تباعاً والخوض فيها بدون خوف أو هروب، فلو أننا أعرنا مشكلاتنا العامة منذ ظهورها هذا الاهتمام لما كبرت لهذه الدرجة لكن سكوتنا وإهمالنا لتلك المشكلات لعدم مسها المباشر لحياة كل واحد منا هو من يفاقمها ويعمقها حتى تصل لحياة كل واحد فينا.
لماذا لا نجعل حل هذه المشكلات كالمشروعات القومية التي افتقدناها وافتقدنا روحها فنقول هذا العام مثلا هو عام حل مجلس الشعب الغير معبر عن إرادة الشعب أو هذا عام عدم احتكار السلع في الأسواق أو هذا عام إنتاج السلع التي لا تتوفر بالسوق المصرية أو هذا عام القضاء على الفساد وتكون هناك منظمات مجتمع تعكف على تلك المشكلات وتطرح المشكلة والحلول وتبدأ باستقطاب الناس لجعل المشكلة العامة مشكله خاصة بكل فرد مشارك في هذه الحملة ونجتمع كلنا على قلب رجل من اجل حل هذه المشكلة.
أذكر قصة كنت قد قرأتها بإحدى المواقع الاجتماعية تحكي أنه كان هناك فأر يعيش في مزرعة. وفي إحدى عملياته التجسسية على المزارع و زوجته لكي يتعرف على المكان الذي سيخبئون فيه الطعام , وجدهم يقومون بفتح صندوق توقع أن بداخله طعاما . ولكن الفأر ذعر عندما اكتشف أن  الصندوق لا يحتوي على طعام بل على مصيدة فئران!
جرى الفأر مسرعـاً إلى المزرعة وهو يحذر هناك مصيدة فئران في المنزل … هناك مصيدة فئران في المنزل.
رفعت الدجاجة رأسها وقالت للفأر: "إن مصيدة الفئران تعنيـك أنت فقط فهي مشكلتك وليست مشكلتي , فارحل من هنا" ثم ذهب إلى الماعز فقالت:"أنا آسفة ولكن مشكلتك لا تعنيني أيضا"
ثم ذهب إلى البقرة فردت عليه:"تبدو أنك في مشكلة ولكنها ليست مشكلتي فمصيدة الفئران لن تصطاد البقر"!.
عندها ذهب الفأر إلى المنزل وهو مكتئب حيث لا أحد سيساعده في مصيبته تلك. ثم أدرك أن عليه أن يواجه تلك المشكلة بنفسه . وفي تلك الليلة سمع صوت المصيدة وهي تنطبق , فذهبت زوجة المزارع نحو المصيدة لتكتشف ما الذي تم اصطياده . وفي الظلام لم تكن تعلم الزوجة أن الفريسة كانت ثعباناً كبيراً انطبقت المصيدة على ذيله وعندما اقتربت منه انقض عليها الثعبان ليعضها ويبث سمه في جسدها.أصابت الزوجة الحمى فعلم الزوج أن أفضل داء للحمى هو حساء الدجاج, فأخذ سكينه وذهب إلى الدجاجة ليذبحها ويصنع منها شوربة لزوجته.ازداد مرض الزوجة وبدأ الأقارب بزيارتها على مدار الساعة فاضطر لإطعامهم, فذهب إلى الماعز وذبحها. وبعد مرور الوقت توفيت الزوجة وبدأت الوفود تتوالى إلى منزل المزارع لجنازتها فلم يكن لديه خيار سوى ذبح البقرة ليطعمهم .
فبهذا هلك جميع حيوانات المزرعة الذين لم يكترثوا بمصيدة الفئران لاعتقادهم أنها مشكلة الفأر وحده! هذه القصة تحضنا على العمل الجماعي والاهتمام بكل صغيرة تحدث في المجتمع فإنها بمرور الأيام ستكبر ككرة الثلج وستطال كل واحد فينا. فهل نعي الدرس؟