إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 28 يناير 2011

ملامح التغيير والقوة الزائفة

التغييرات التي تشهدها المنطقة العربية الآن هي دليل على بدأ التغير العالمي الجديد، فالإمبراطورية التي كانت تراقب الوضع الحالي وتعده في مصلحتها عجزت وشاخت بعدما تورطت في عدة مستنقعات على مدى العقد الماضي، ورطها فيها رئيسها السابق والذي أدخلها في حربين متتاليتين في عامي 2001، 2003م. ظن خلالها الجميع بأن الحل والعقد في يد هذه الإمبراطورية وحلفائها، وظن معظم الحكام في المنطقة بأن إرضاء الإمبراطورية هو الضمانة الوحيدة لبقائهم واستقرار عروشهم، فاستخدموا ما تلوح لهم به هذه الإمبراطورية دائما وهو عنصر القوة ضد شعوبهم فارهبوهم كما أرهبتهم، وكانت آلة الردع وعصى القوة هي الرد الوحيد على مطالب الشعوب، وظلت سياسة التخويف والكبت والقمع هي آلة هذه الأنظمة ضد الشعوب المستضعفة.
ولأن قدر الله وسنته لابد أن تسود، ولقسمه على نصرة المظلوم ولو بعد حين، فكانت صفعة متغطرسة على وجه الكفاح والسعي الدءوب وراء لقمة العيش بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، ودليل على قوة الحق وضعف الباطل، فبدأت من تونس مظاهر التغيير الذي أثبت بعد طول غياب أن الشعوب مهما تحملت غياهب الظلم والظلمات، إلا أن قوتها الحيوية وتجدد دورة حياتها هي سر التغيير والنصر والتطور والتنمية، فيقول تعالى: ( وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ ) (البقرة: من الآية251 )
ويقول تعالى : ( وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) (الحج:40-41)
فعندما تتلاشى ثقافة الخوف ويدفع الناس بعضهم البعض، ويدفع الله الحق فيزهق به الباطل، في هذا الوقت فقط لا يؤخذ في الحسبان حاملات الطائرات التي تركض على ظهور البحار، ولا يهتم بالتقدم التكنولوجي لهذه الإمبراطورية أو تلك، ولا عدد القنابل النووية، ولا تستطيع أمريكا أو غيرها الآن إلا الوقوف مكتوفة الأيدي أمام لحظات التغيير التي تعصف بالمنطقة التي تحملت كثيرا من الضغوط والظلم في تونس ومصر واليمن ولا نعلم غداً أين ستوقد شرارة التغيير.
 إن الشعوب التي تأخذ على عاتقها الآن إزالة أسباب القهر والاستبداد الذي أذاقه لها بعض حكامها، والذين لوحت لهم إمبراطورية الظلم والقهر به من قبل، هي التي تصنع التغيير الذي أصاب قوى العالم بالذهول والذي جاء من شعوب كانت في الماضي متجمدة من الخوف، فأصبحت الآن غير آبهة بقوة بطش أنظمتها أو قوة بطش الإمبراطوريات التي أرهبت هؤلاء الحكام بهذه القوة من قبل، وعلى هذه الإمبراطوريات الورقية أن تعي بأن الحكام القادمين سيرضوا شعوبهم ذات القوة الحقيقية لأنهم سيخرجوا من رحم صحوة الحق والعدل، ولإدراكهم بأن الحيد عن طريق إرضاء تلك الشعوب سيلقي بهم إلى ما آل إليه السابقون فإنهم لن يأبهوا لهذه الإمبراطوريات ولا لقوتها المزيفة، فهل تستوعب أمريكا وحلفاؤها الدرس؟