إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 31 يناير 2011

تغيير فكر

تغيير فكر

الأحداث المتلاحقة الآن في مصر وما يواكبها من تطورات تسارعت خطاها وتوالت تداعياتها ورفع سقف مطالبها، فبعد أن كنا نبحث عن توفير رغيف الخبز "حتى وإن كاف حاف بدون غموس" تطور الوضع إلى أن أصبحنا نبحث عن تحسين مستوى المعيشة، وتحسين الوضع الاقتصادي، وإبعاد من نهبوا أموال الشعب عن دوائر صنع القرار، ثم أصبحنا نطالب بالعيش داخل بلدنا بكرامة وعزة بعد أن قام الفاسدون بالاستهتار والاستهزاء برغباتنا وبأحكام قضائنا، ثم تطور الوضع أكثر إلى أن أصبحنا نطالب بتغيير النظام الذي ربى الزبانية، الذين أذاقوا الشعب ويلات الكد والبحث عما يسد رمقه أو ما يستر جسده أو ما يأوي إليه في حر الصيف وبرد الشتاء فيكون سكنه، وللأسف لم يجد الشعب كل ذلك وأصبح يبحث عن السراب. فرأينا أطفالا لا يجدون طعاماً مشردين في الشوارع، ورأينا قرى كاملة يعجزها العوز والخوف والجوع والمرض، ورأينا مستعمرات من الصفيح يسكنها من لا مأوى لهم.
كل ذلك راكمه النظام على الشعب فخرج بهذه المطالب التي تطورت في سويعات إلى أن تطورت إلى مطلب تغيير النظام والآن أريد أن أطورها أكثر وأرفع سقف المطالب إلى مطلب تغيير الفكر.
وتغيير الفكر الذي أنشده وأطالب به في أوج الأزمة وإن شاء الله سيناله هذا الشعب الأبي الصبور، يشمل كل ما تجمد فكرنا عنه واعتقدنا أنه لن يتحقق طالما أننا نقطن تلك البقعة من الأرض.
تغيير الفكر سيبدأ من القائد الذي ظن أنه مخلد في مقعده، والفاسد الذي ظن أنه سيمر من دون من يجد من يحاسبه، والشرطي الذي تجبر على شعبه وظن أن سلوكه مكمل لمنصبه، والموظف الذي رأى في الرشوة ما يكمل به راتبه، ورجل الأعمال الذي ظن أن ممتلكات العامة رهن إشارته، وأستاذ الجامعة الذي ظن أن ابنه بالعلم أو بدونه سيرث متبوءه، والابن الذي ظن أنه سيرث منصب أبيه حتى ولو كان على حساب شعب بأكمله، و كذلك فرد الشعب الذي ظن أنه ليس لكيانه وجود، وأنه ساقط من سجل حكومته.
الفكر الجديد الذي سيسود سيصحح الأوضاع المقلوبة، ويأتي بها رأساً على عقب فيجعل رأسها في الأعلى وعقبها في الأسفل كما فطرها الله.
فيرى القائد صاحب الفكر الجديد أمره شورى بينه وبين أهل العقد والحل من قومه، وأنه محاسب من ربه ومن شعبه على قراره، وسيرى الفاسد ضآلة حجمه إذا أقدم على عمل فاسد وأيقن أنه سيجد من يحاسبه في مجتمعه، وسيوقن الشرطي بأنه مكلف بحفظ أمن شعبه وأن تجبره وتكبره مناف لقيمه وعرف شعبه، وسيعلم الموظف أن راتبه الجيد مع خوفه من ربه مانعان ضد مد يده، ورجل الأعمال سيخاف من الناس إذا فكر أن يطغى على ممتلكات وطنه، وأستاذ الجامعة بعد التغيير سيتفرغ لنشر علمه ولن يأبه لولده ما لم يكن متبوأه في مبلغ علمه، والابن سيدرك أن منصب الأب ليس ملكه، والمواطن البسيط سيشعر بأن له كيان وقيمة عندما يذهب للإدلاء بصوته.
هذا هو سقف مطالبنا الجديد وهذا هو التغيير المطلوب.