إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 3 فبراير 2011

مراكز القوى مسمار في نعش نظم الحكم المصرية

ما يجري على الأرض الآن من أحداث جسام تشهدها العظيمة مصر، ما هي إلا نتيجة لتكرار أخطاء لأنظمة سابقة، كررها النظام الحالي ومرت عليه هذه الأخطاء دون أن يأخذ منها عبرة وعظة لما حدث لنا في الماضي.
إن الزمن يعيد نفسه، فلو عدنا بالذاكرة قليلا إلى الوراء لوجدنا أن أسباب ما نعانيه الآن قد حدثت في الماضي، لكن الفكر بين القادة يختلف في إزالة تلك الأسباب وتلاشي نتائجها السيئة على المديات القريبة والبعيدة، فالرئيس الراحل أنور السادات تولى نظام الحكم في مصر في ظروف سيئة للغاية، فكان هناك جزء عزيز من الوطن محتل باحتلال غاشم يقف من ورائه قوى كثيرة تريد زرعه في قلبنا لإزاحته عن دولها وإراحة نفسها من صداع اسمه اليهود. كما أننا في ذلك الوقت نعاني من ترهل اقتصادي واجتماعي نتيجة هذا الاحتلال، ورغم كل تلك الأسباب التي تدفعنا لأن نكون قوة واحدة نبتعد عن المصالح الشخصية الضيقة ونبتعد عن فكر الأنا، فقد وجد الرئيس نفسه عند توليه للمنصب محاطاً بالعديد من الرجال الذين تقوقعوا على مراكزهم وجعلوا منها قوة ضاربة لكل من يخالف سياستهم، وسخروا هذه المراكز لخدمة مصالحهم الشخصية والخاصة دون النظر إلى وضع البلد وما تمر به من مواقف دقيقة وحساسة.
مراكز القوى التي اصطدم بها الرئيس الراحل محمد أنور السادات (رحمه الله) كانت قد تكونت وتغلغلت داخل النظام السابق للرئيس الراحل جمال عبد الناصر (رحمه الله) الذي أحيط ببعض الرجال الذين لم يؤدوا الأمانة ولم ينقلوا له الصورة الصحيحة التي تعكس ما يدور من حوله، وعندما نبحث عن الأسباب التي أدت إلى هذا التكوين لمراكز القوى نجدها تنحصر في البيروقراطية واستغلال ثغرات القانون وعدم تداول السلطة، الأمر الذي يؤدي إلى تراكم الأخطاء وسد الثغرات التي تدين هذه القيادات وتعاون المرتزقة والمتسلقين معهم على حساب الشعب المظلوم، فتتوحش تلك المراكز التي تسيطر على مقدرات ومصير الناس.
إن القائد الذي لم يحسم أمر تلك المراكز مبكرا منذ البداية يعطيها الفرصة لأن تمتلك زمام الأمور وتتولى القيادة ثم تورط القائد في العديد من الأخطاء التي تبنى على المصالح الخاصة لتلك المراكز، وهذا ما نراه اليوم منذ عشر سنوات تقريباً.
منذ انتخابات مجلس الشعب عام 2000م ومراكز القوى الجديدة في النظام الحالي توغلت وركبت العديد من المناصب داخل النظام عن طريق الحزب الوطني الذي فقد الأغلبية البرلمانية فسعت هذه المراكز الناشئة إلى استعادة الأغلبية المفقودة، وأول هذه المراكز التي أثرت على دور القائد وتركت صورة ذهنية سيئة لدى الناس هو نجل الرئيس الذي تحكم في العديد من المناصب القيادية والوزارية، التي رسم لها سياستها مع العديد من المراكز الأخرى والتي لم تظهر بالصف الأول ولكنها تحكمت في سياسة النظام دون الظهور المباشر وراء تلك السياسات الخاطئة والتي ورطت النظام الحالي في كثير من الأخطاء التي أدت إلى كل هذا الحنق والغضب والضجر الذي أصاب هذا الشعب الصبور.
إن هبة الشعب المصري قد عرت العديد من خفافيش الظلام ومصاصي الدماء الذين احتموا بمراكز القوى هذه، وكشفت تمادي بعض القطاعات داخل بعض وزارات الدولة وضربها عرض الحائط لأحكام القضاء واعتراض الرأي العام على ما يحدث من فوضى وقرارات خاطئة وتعذيب بأقسام الشرطة والسجون وتعطيل مشروعات قومية هامة ينادي بها شرفاء الشعب ومتخصصيه إضافة إلى زيادة أعباء الشعب بالضرائب والرسوم وغيرها من الإجراءات التعسفية ضده خلال العشر سنوات الأخيرة.
النظام الحالي فوجئ بهبة شعبية عفوية رغم بعض ما شابها من استغلال مخابراتي دولي وإقليمي إلا أنها ثارت على الظلم والطغيان وأفاقت المارد النائم الذي عانى الكثير من هذه المراكز التي عاثت به فسادا ومرمغت أنفه ذلا وقهرا والآن ملك زمام المبادرة وأصبح هو سيد قراره ولن يسمح لأي متسلق أو طرف أجنبي من التحكم في مصيره مرة أخرى، لذلك فالفرصة الآن متاحة للنظام في آخر أيامه لتطهير نفسه وتصحيح أخطائه وتوبته عما أحدثه في حق شعبه فهل نعطيه الفرصة ليسلمنا بلداً بلا مراكز قوى ومهيأة لحقبة ديمقراطية جديدة.