إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 16 فبراير 2011

"خلي الجيش ينفعك"

"خلي الجيش ينفعك"
هكذا قال وزير الداخلية السابق للرئيس السابق حسني مبارك، في آخر مكالمة هاتفية دارت بينهما، عندما اتصل عليه الأخير يوبخه على البيان الذي أرسله لمبنى الإذاعة والتليفزيون، والذي يشير فيه إلى وقوف جماعة الإخوان المسلمين وراء التظاهرات، وأن هناك أياد أجنبية تحرك تلك التظاهرات، والذي يهدد فيه أيضا بأن الشرطة ستتعامل بكل حزم وستستخدم القوة مع هذه التظاهرات.
الجملة التي قالها العادلي لمبارك لم تكن من باب الاعتراف بقوة الجيش ومكانته، أو من باب ثقته في هذه المؤسسة المصرية العظيمة، بل كانت هذه الجملة من باب التمرد على القائد، وعدم المسئولية والتقدير للمنصب المنوط إليه، والنظرة الضيقة والمستهترة للأمن القومي المصري لشخص لا يعي معنى وقيمة القوات المسلحة المصرية، وكان هذا التمرد معززا لما يدور برأسه من أمثلة أفكار "أنا ومن بعدي الفوضى" أو  كفكر شمشون "أهدم المعبد على من فيه" كاشفاً بهذا الفكر حجم الخلايا النائمة التي صنعها من أجل التعامل القذر مع ملفات مختلفة، أدراها داخل كواليس وزارة الداخلية، وهي المؤسسة الأولى المعنية بحفظ الأمن الداخلي المصري والتي استخدمها ووظفها لتحقيق أهداف قذرة تضر بالأمن القومي الداخلي، وتزكي الفتنة الطائفية وتقوي من شوكة أمن الدولة ضد أبناء البلد الشرفاء، علاوة على غض الطرف عن عمليات التعذيب والرشى والفساد داخل مؤسسة الشرطة المصرية.
إن وزارة الداخلية هي عنوان انضباط الشارع وحامية المواطنين من البلطجية واللصوص والنصابين، وهي صمام أمان السلم الأهلي والقائمة على الأمن الاجتماعي للدولة، ودورها في السنوات الأخيرة كان مغايرا تماما لما تقوم به مؤسسات الشرطة في أي نظام، فرواج تجارة المخدرات وانتشار البلطجية والنصابين وغياب الأمن الاجتماعي ووجود كثيرا من المشكلات التي تحل بالقوة بين الناس أو بالجلسات العرفية خارج أقسام الشرطة والسمعة السيئة التي أحاطت بها في عمليات التعذيب الممنهج والعشوائي، وعمليات السلب والنهب والرشى وإطلاق النار في المظاهرات على المواطنين، كلها أسباب أفقدت المواطنين الثقة في هذه المؤسسة لذلك يجب أن يبادر الطرفين لاستعادة هذه الثقة من خلال خطوات مدروسة وممنهجة وقوانين صارمة تقوم عليها الحكومة الانتقالية والوزير الجديد ومساعديه في هذه المرحلة، ليتم تطبيقها في النظام الجديد.
أما الجيش فهو لم ينفع الرئيس السابق وحده بحفظه للأمن وقت المظاهرات أو بتعامله الممتاز مع المواطنين، أو بإدارته الممتازة لهذه الأزمة الأمنية، بل نفع الشعب المصري كله بأن أخذ على عاتقه إجراء إصلاحات جذرية، وإدارة البلاد في مرحلة انتقالية، وتنفيذ مطالب الشعب بكل أريحية، وعندما تنتهي هذه الفترة العصيبة وتعود الأمور لنصابها، وتهدأ الأوضاع وينتهي الفراغ السياسي ويكون لمصر برلمان منتخب ورئيس مدني منتخب، سنقول للجيش شكرا على ما قدمته لخدمة بلدك، ونقول له نفعت مصر كلها، وقمت بواجبك في أيام تربص فيها الأعداء، ووقت لا ينفع فيه الأصدقاء، أما كل من خان وغدر فإن القضاء العادل بانتظاره، ونقول له اليوم "خلي تمردك و فكرك التخريبي ينفعك".