إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 18 فبراير 2011

وخرج المارد من قمقمه

وخرج المارد من قمقمه
مشهد هز الكيان وزلزل الوجدان وحرك المشاعر وأرعب الأعداء وأذهل عقولهم إنه مشهد خروج المارد المصري من قمقمه في يوم جمعة الاحتفال بالثورة المصرية مشهد أم فيه الشيخ يوسف القرضاوي نحو ملونين من المصريين في ميدان التحرير والميادين المجاورة والشوارع المؤدية إليه، صلوا فيه صلاة الجمعة وصلاة العصر جمع تقديم، وصلوا صلاة الغائب على شهداء مصر الأبرار، وامتلاء المكان بالتكبير والتهليل وكأنه يوم العيد، فاغرورقت عيوننا بالدموع واقشعرت أبداننا فرحا من المنظر، وظهر الشعب المصري المتحضر الأصيل بشكله المنظم الراقي الذي لم نره منذ عقود.
رأينا في هذا المشهد ظهور الحق واضمحلال الباطل، ورأينا النور يسطع في وجوه المجتمعين والأمل يتراقص في عيونهم والحمد والتهليل يعلو بينهم، بينما الظلام يتضاءل ويضمحل مع رموز الظلم والفساد الذين يتوارون عن المشهد شيئا فشيئا فكان شريط الأخبار ينقل خبر حبس أربعة منهم 15 يوما على ذمة التحقيق أثناء الاحتفال، وبهذا سيتلاشى وجودهم ويزهقون لأنهم باطل زهوق وهم معه زهوقا.
رأينا الحضارة والفكر والعلم والتاريخ والتواد والتراحم والإنسانية والإصرار والتحدي والشموخ والمجد والقوة في الشعب المصري الذي تحمل وصبر وثابر منذ عقود، تخلى فيها كرها عن توحده في المطالبه بحقوقه، تخلى فيها كرها عن انتمائه، وأشغل في البحث عن لقمه عيشه وغيب عن الواقع.
الاحتفال بنجاح الثورة في ميدان التحرير ظاهرة حضارية مصرية ذات طابع خاص، أصبغتها الأغاني الوطنية المصرية والأعلام المصرية التي ترفرف في ربوع وأركان الميدان وما يحيطه كما ظهر في هذا المشهد رموز دينية إسلامية ومسيحية ورموز سياسية واجتماعية، ازدان بها المشهد فعكس للعالم أجمع عراقة وحضارة وخصوبة هذا الشعب الذي سيثبت للعالم أنه كان وما يزال صاحب فكر وعلم وحضارة.
تخيلت وأنا أرى هذا المشهد فرح الأمة العربية والإسلامية بهذا العرس المصري، وتخيلت مشاهدة الأعداء لهذا المشهد وخوفهم من عودة المارد الذي سيكون له هيبته ورهبته في قلوبهم كما كان من قبل، تخيلت مصر عروسا مزدانة بهذا التجمع وهذا العرس إنه عرس الحرية والكرامة، إنه عرس ثورة الخامس والعشرون من يناير الذي نتمنى أن تتحقق جميع أهدافها لتعود مصر تاج الأمة وعرينها إن شاء الله.
إن خروج المارد من قمقمه حري به أن يغير وجه الحياة على أرض مصر، فيقضي على العشوائية والمحسوبية والفساد والرشوة وأعمال السلب والنهب لأرض مصر، ويظهر الوجه الآخر لمصر الذي يعرفه العالم عنها بفضل هذا الشعب لنرى حضارته وتنظيمه وعلمه في تعمير وبناء ورقي هذه الأرض المباركة، فيتغير وجه الحياة فيها وبالتالي تتغير معها المنطقة المحيطة بها عربيا وإقليميا وعالمياً.
إنها مصر التي إن تحرك شعبها وعاش بحرية وكرامه ترى أثر ذلك في حرية وكرامة المنطقة العربية كلها والتاريخ يشهد لها بذلك عشت يا مصر وعاش شعبك أبيا كريما.