إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 31 مايو 2011

صراع الاتجاهات وحروب الاجندات بعد الثورة

حروب الأجندات والاتجاهات بعد الثورة
27 مايو يوم جمعة الغضب الثانية كما سماه منظموه، يوم تعددت فيه المطالب ما بين تأجيل الانتخابات البرلمانية، وتشكيل مجلس مدني لإدارة شئون البلاد، ومطلب أخير وهو محور حديثنا وهو وضع دستور جديد للبلاد، ومما مضى من مطالب يتبين لنا أجندات وأهداف القائمين على جمعة الغضب الثانية وخصوصا بعد إعلان الإسلاميين عدم المشاركة فيها.
لقد صوت المصريون في التاسع عشر من مارس الماضي بنسبة مرتفعة على الإبقاء على الدستور الحالي وتعديل جزء من مواده حتى تتم انتخابات برلمانية على إثرها يتم وضع دستور جديد عن طريق مجلس نيابي منتخب من الشعب، فلماذا الإصرار الآن على الانقلاب على الديمقراطية وعلى إرادة الشعب المصري؟، ومن المخول الآن بإدارة شئون البلاد؟، وكيف يتم الاتفاق عليه؟، وبأي سلطه يقود البلاد ومن يخوله هذه السلطة؟.
إن الديمقراطية التي يطالب بها الجميع، وتشدق بها آخرون من قبل، تقضي بأن رأي الأغلبية هو الرأي الذي لابد أن يسود، وألا يسود الصوت العالي والضجيج أو يرتفع على صوت صندوق الانتخاب طالما أن العملية الانتخابية تتم بشفافية ومراقبة من كافة الجهات، وطالما لم يتم أثناء عملية الاقتراع أعمال الشغب والبلطجة التي كانت تتم في الماضي، لذلك فإن المطالبة بوضع دستور جديد قبل الانتخابات البرلمانية هو انقلاب على رأي الشعب وبالتالي هو انقلاب على الديمقراطية التي لطالما نادت بها كل الأطياف والاتجاهات الموجودة على الساحة السياسية المصرية قبل وبعد الثورة.
إن مطالب جمعة الغضب الثانية لا تعدو على أنها رغوة زبد تبدو هائلة في الأفق لكنها سرعان ما تتلاشى وتذهب جفاءا، ولا توصف إلا أن تكون إثارة لأفكار لا توافق عليها معظم قوى الشعب، ولا تتفق مع الأغلبية التي تمنحها الديمقراطية حق التصويت على القرارات المصيرية.
أما نحن في ظل هذه الفترة الانتقالية المؤقتة، والتي تعددت فيها المطالب الفئوية وزادت أعمال التمرد والصوت العالي لابد لنا أن ننظم أنفسنا، ونتهيأ لانتخاب أعضاء برلمان يمثلون الشعب المصري بنزاهة وشرف، ويفتحون باب التداول تحت قبة البرلمان لوضع دستور جديد للبلاد يحقق رغبات وطموحات وآمال هذا الشعب، الشعب الذي ما فتئ أن يخرج من عصر فئة مفسدة حيدت الكثير من قواه السياسية وقيدت طاقات ومهارات الكثير من مبدعيه.
إن القوى السياسية بتعدد خلفياتها واختلاف توجهاتها وأهدافها، يجب أن تتبارى في عصر الحرية بمنطق وفكر ديمقراطي، وألا تعتمد على مراهنات خارجية، أو تركن إلى التعويل على قوى خارجية تساوم وترهب بها الشعب، أو تتعمد تحييد فئات أخرى تمثل أطيافا واسعة من الشعب، فإن لهم اليوم في النظام السابق عبرة وعظة، فاليوم الشعب المصري فقط هو من يقول كلمته، وليست فئة أو طائفة أو جهة خارجية تملي عليه ما تريده ففي المرحلة القادمة أصبح العصر عصره والفكر فكره والكلمة كلمته.
أيها المنفتحون على الشعوب الحرة والثقافة الحديثة، أفسحوا طريق الحرية ولا تزحموه بالفوضى، ابتعدوا عن قطار الحرية الذي انطلق بالمجتمع المصري، ودعوا رأي الأغلبية يمضي، فلن ينفع الصوت العالي، ولن يجدي التمترس أمام قوة الشعب، فتتحطم أوهامكم على صخرة صموده وأنتم تنظرون.