إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 2 يونيو 2011

الحوار الوطني... مفارقات وملاحظات

الحوار الوطني مفارقات وملاحظات
في يوم الاثنين الموافق 23 مايو  تلقينا دعوة باسم اتحاد أبناء كفر شكر من اتحاد شباب الثورة لحضور جلسات الحوار الوطني والتي بدأت الأحد 22 مايو الماضي واستمرت لمدة ثلاثة أيام، وكان أهم محاور الحوار الوطني هو محور الثقافة والإعلام وحوار الأديان، والذي أدار ندوته الدكتور/ صفوت حجازي أستاذ علم الحديث، وكان مستضيفا للدكتور/ أحمد كمال أبو المجد وزير الإعلام الأسبق، كما حضر الندوة العديد من رجال الدين المسيحيين، وأساتذة الإعلام بجامعة القاهرة، وحقيقة الأمر فإنها كانت ندوة مثمرة وثرية بالسادة الحضور، وبما طرح فيها من أفكار ومقترحات، تمنيت أن تطرح بعض منها في توصيات الحوار الوطني في الجلسة الختامية، التي تم خلالها عرض بعض الكلمات لأبرز الشخصيات من السادة الحضور في معية الدكتور/ عبد العزيز حجازي منسق ورئيس هذا الحوار الوطني.
ما استوقفني في هذا اليوم عدة ملاحظات ومفارقات أردت أن أطرحها لعلنا نستنج سويا بعض النقاط الإيجابية والسلبية التي تستنتج من هكذا فعاليات، وخصوصا أننا لم نتعود على هذا النقاش وهذه الحوارات منذ عهد بعيد، وكانت أولى ملاحظاتي عليها أنها صريحة وواقعية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وكان محور الثقافة والإعلام وحوار الأديان من أهم المحاور، نظرا لما يحمله من مشكلات الإعلام المتشعبة في دول العالم النامي عموما وفي مصر خصوصا، وكذلك كان البعد الثقافي مهما جدا، خاصة ونحن في مجتمع به نسبة كبيرة من الأمية، وتنتشر الشائعات والخرافات فيه انتشار النار في الهشيم، لذلك فإن محور الثقافة وانتشار الثقافات الأخرى في المجتمع، والحروب الفكرية والثقافية، كان لها أهميتها في هذا الحوار،  أما أم المشكلات وأشد العقبات في شق حوار الأديان كانت مشكلة الفتنة الطائفية التي أشعلتها الأحداث الأخيرة.
أما ملاحظتي الثانية فكانت وجود أعضاء لجماعة الإخوان المسلمين في الندوة وقد عرف أحد الحضور نفسه بأنه أستاذ بجامعة المنوفية وبأنه من جماعة الإخوان المسلمين وهذا عكس ما أعلنت جماعة الإخوان من أنها لن تشارك في جلسات الحوار الوطني فهل هذا انشقاق أم حضور بدون علم القيادات أم حضور للوقوف على حالة الحوار وأنشطته وفعالياته لتكون الجماعة على علم بكل ما يدور بالحوار الوطني.
ملاحظتي الثالثة كانت على طرف أصيل من أطراف هذا الحوار، طرف حمل مشعل هذه الثورة ورفع رايتها في أولى أيامها، إنهم (اتحاد شباب الثورة) الذين اختلفوا فيما بينهم على بعض النقاط واتهم بعضهم البعض بحب الظهور أمام وسائل الإعلام وكذلك اختلفوا على صياغة البيان الختامي الذي سيلقونه في الجلسة الختامية وعلى من يلقيه على المنصة وكذلك كانت هناك محاولات للوقيعة بينهم عندما فتحت سماعات أحد القاعات التي كانوا يتجمعون فيها لمناقشة نقاط البيان الختامي (وأظن أنها فتحت عن قصد) فسمعوا أحد زملائهم أثناء تسجيله مع إحدى الفضائيات يتهم البعض ممن حضروا بأنهم أزلام للحزب الوطني المنحل، وأخيرا اتفقوا على صيغة البيان واتفقوا على اختيار إحدى زميلاتهم وتدعى (ريهام) لإلقاء البيان على المنصة وقد دخلوا القاعة متأخرين عن الحضور بحوالي عشر دقائق هاتفين بقوة (إيد واحدة) وذلك بعد فشل محاولة الوقيعة بينهم.
وأخيراً، وأثناء انعقاد المؤتمر الختامي لعرض توصيات الحوار الوطني وقد سماها الدكتور/ عبد العزيز حجازي، (توصيات مبدئية) نظرا لاستمرار حالة الحوار ليشمل كافة المحافظات فيما بعد وقد كان في معية الدكتور عبد العزيز حجازي على المنصة الدكتور/ عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وممثلة اتحاد شباب الثورة والتي فرضت على المنصة لعرض بيان الشباب وإلقائه باسمهم إلى جانب شخصيتين آخرتين لا أتذكرهما، ولأنني دخلت متأخراً فقد كانت القاعة تعج بالحضور ومن الطبيعي أن أقف خلف صفوف الكراسي التي ملئت عن آخرها بالحضور بعد أن أخذ كل منهم موضعه وجلس بالقاعة المملوءة بكاميرات الفضائيات ووسائل الإعلام تهافتا على نتائج الحوار، أما غير الطبيعي هو أن تجد الدكتور/ صفوت حجازي هو أحد الواقفين بجوارك خلف الصفوف تنظر إليه نظر المغشي عليه من الموت، فما هذا مقامه، ولا هذا مكانه وسط الجمع، بل كنت أظنه سيكون أحد الجالسين على المنصة لعرض أنشطة وفعاليات وأفكار محور الثقافة والإعلام وحوار الأديان على الأقل لأنه هو من أدار هذا المحور، وظل الدكتور واقفا لحاجة في نفس يعقوب وهدف صرح بأنه يريده من هذه الوقفة بعد أن ألح عليه كثير من الحضور أن يجلس مكانهم ولكنه كان يرفض بهدوء مبتسما ويقول (لا، شكرا) وقد أيقنت حينها أنه يقصد الوقوف في هذا الوضع لأنه لم يدعى إلى المنصة وهذا ما تداركه الدكتور/ عبد العزيز حجازي عندما أحس أن هناك خطأ ما، فنادى الدكتور/ صفوت للصعود إلى المنصة لعرض بعض توصيات محور الثقافة والإعلام وحوار الأديان، فجاؤا له بكرسي إضافي على المنصة فجلس وعرض وفصل وأصل.
ما حدث يجعلني أطرح بعض الأسئلة لعلي أجد إجابات شافية عليها عند أهل الحل والعقد أو عند أهل التخصص يمكن أن يجاب عن بعضها أو كلها لكن في النهاية لابد من طرحها وأولها:-
·      هل الإسلاميون في الحزن مدعوون وفي الفرح منسيون؟! أو بمعنى آخر، هل الإسلاميون مطالبون بأن يكونوا جزءا من حل مشكلات هذه البلد بينما نتائج ومميزات هذا الحل وهذا الإصلاح لا تطبق عليهم أو لا ينالهم نصيب منها؟!
·      هل شباب الثورة على قدر المسئولية ويتحملون تبعات قراراتهم السياسية الصعبة والحساسة، وهل تدفعهم الحماسة إلى الاندفاع والتهور وبالتالي إلى التشرذم؟
·      هل ثورة 25 يناير ستؤتي أكلها على المدى البعيد، أم أن المجتمع المصري يعاني من خلل مزمن يحتم عليه أن يتغير سياسيا واقتصاديا واجتماعيا في فترة محددة ليجني نتائج هذا التغيير، ولماذا لم تؤثر الثورة حتى الآن في سلوك المصريين؟
·      وأخيراً، هل تعدد تنظيم الحوارات والمناقشات واللقاءات المنظرة للثورة تعني اختلاف الرؤى حول مستقبل هذا البلد، وبالتالي اختلاف التوجهات والأجندات لأصحاب هذه الحوارات.
أرجو أن أجد ما يشفي صدري لأنه يحترق خوفا على مستقبل هذه البلد المباركة في ظل التناحر الدائر حول حصد مكاسب ما بعد الثورة، واغتنام حالة الفراغ السياسي لصالح فئات بعينها.