إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 28 أكتوبر 2011

هاجس هرم


هاجس هِرم
بعدما تخطى عتبة الستين، نظر خلفه من الباب الموصد ليرى حقب عمره وعهوده، فهذا عهد طفولته، لهو ولعب واقبال ونضاره في كنف أبوين حنونين، وهذه حقبة الشباب، قوة وفتوة وطيش وفحولة، تتبعها بعد الأربعين مرحلة الرجولة، نضج وحكمة وتدبر وامعان.
بعد تلك الجولة التي قلب فيها صفحات العمر يخلد إلى فراشه فتغفل عينيه وينعس، وإذ بشعور يأتيه لم يعهده منذ سنين، دفئ وامتلاء وتمدد وانتشاء حتى إذا ما وصل إلى الذروة تفيقه زنقة مثانته التي تضغط أسفل بطنه، فز ليقضي حاجته فإذ بشعوره يتبدد وينعكس، برودة واختذال وانكماش وارتخاء، انها احدى نوبات الشيخوخة الليلية لكنها هذه المرة تحمل عبق الزمن الغابر، تأرق بعدها في آخر الليل فقام ليتوضأ وجلس على سجادة الصلاة رافعا يده إلى السماء يدعو: اللهم لا تردني إلى أرذل العمر، واجعل لي نصيبا من هواجس شيخوختي، أطلت زوجته الخمسينية برأسها من باب خلوته الموصد بعدما راقبت النوبة عن كثب قائلة: مع القرص الأزرق البيضاوي، أصبحت هواجس الشيخوخة واقعا يتحقق، فزع من هول طلعتها الفجأة وصدم فلقي حتفه على سجادة الصلاة طاهرا.