إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

التعفن الإداري

من البديهي أن الأرض تدور، والسحاب يسير، والنجوم والشمس والقمر كل في فلك يسبحون، فلكلٍ دورته التي فطره الله عليها. حتى الكائنات لها دورة حياة لا تحيد عنها ولله في خلقه شئون.
أما نحن بني البشر نحيد عن الفطر. ونخترع ما نؤرق به بعضنا بعضا. فنسن القوانين واللوائح التي تعطل مصالح البلاد والعباد، وتضر بنا ولا تنفعنا، فيكون ضررها أكبر من نفعها.
وهناك من وصلت برأسه تلك القوانين واللوائح حد التعفن نتيجة التمسك بها رغم تغير الظروف والمعطيات من حوله، إنها القوانين التي تعامل المواطن على أنه مدان حتى يثبت العكس. خاطئ حتى يثبت غير ذلك. سيء النية إلى أن تتضح الصورة.
اللوائح والقوانين هي من صنع البشر، لذلك فمن المنطقي أن تشهد تغيرات وتبديلات تطرأ عليها لتتماشى مع المستجدات. ولابد لها أن تتغير بتغير الظروف التي تمر بها المنطقة أو الدولة أو المنظمة أو المؤسسة التي سنت تلك النظم.
لهذا نجد المؤسسات العامة والخاصة في الدول المتقدمة تكون ترساً من تروس التنمية. ونجد منظومة العمل تتطور وتتلاءم مع مستجدات البيئة المحيطة، فتتماشى تلك القوانين مع روح النظام، وتيسر على المواطنين أعمالهم، وتعاملهم على أنهم أصحاب حقوق وأصحاب كرامة وأصحاب مكانة داخل وطنهم.
أما نحن: فمؤسساتنا العامة بها من القوانين البالية والنصوص الجامدة ما يعطل مصالح البلاد والعباد. لدينا منها ما يصد كل ذي طموح عن بسط إمكاناته ليكون جزءا في حركة التنمية داخل وطنه. لدينا ما يمنع المهرة من الولوج في سوق العمل نتيجة لتلك التراكمات والكراكيب الإدارية.
أنظمة ولوائح تصنع بيئة خصبة للفساد يضرب المجتمع، يؤصل لما يخالف ديننا وشرعنا من عدم المساواة والمحسوبية، وتفشي لعادات وأخلاق بغيضة .كالرشاوى والهدايا الباهظة ينتج عنها خروج طبقات عليا لم يكن لها أن تكون بمثل هذا الفجر والغنى الفاحش وطبقات أخرى دنيا لم يكن لها أن تكون بمثل هذا البؤس والحرمان.
مجتمعنا المعاصر تغير كثيرا بسبب تلك اللوائح والقوانين التي أنتجت نواب القروض، والعلاج على نفقة الدولة، ورجال أعمال غاية في الفجر. خرجوا علينا دون سابق إنذار تملكوا البلاد والعباد. وتحكموا واحتكروا سائر الأسواق. تلك القوانين جاءت لتظهر شركات تجبي كد الكادحين دون رقيب، جاءت لتضع عقوبات تجرئ الجاني على الضحية، عقوبات ضئيلة لا تتماشى مع حجم الجرم الواقع.
فمتى تتعدل تلك اللوائح. وتتغير تلك القوانين لتتماشى مع الحكمة منها، تتماشى مع العدل، تتماشى مع المنطق، تتماشى مع سرعة عجلة الحياة وتطورها. متى ندخل مؤسسة لا نجد فيها دفاتر بالية قديمة وموظف محتاج ترى على حاله العوز، ومهيأ للفساد. تمسك بكراكيب إدارية وقوانين عفى عليها الزمن هي حصنه الأخير لتحصيل ما لا يحق له ممن يكون الحق له.
(
نشأت النادي 18/أكتوبر 2010م.)