إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 26 يناير 2011

الفاتيكان ... إلى أين؟

في الوقت الذي تسعى فيه كل أجهزة الدولة المصرية بدءاً بمؤسسة الرئاسة المصرية، ومرورا بمؤسسة الأزهر الشريف، وانتهاءاً بالمجالس النيابية وأجهزة الحكومة، لتضميد الجرح الداخلي النازف جراء حادث آثم جديد من نوعه، زلزل الكيان المصري وجعل بداية السنة الميلادية مؤرقاً للمجتمع ومقضاً لمضجعه، صدرت بعض الأصوات الشاذة التي تنادي بحماية مسيحي الشرق مما يتعرضون له في الشرق الأوسط على حد زعمهم.
ورغم أن ردة الفعل الشعبية والرسمية المصرية كانت على أكمل وجه بل فاجأت الكثير من دول الغرب ومؤسساته، وعكست مدى الحب والترابط بين مسلمي مصر ومسيحييها، إلا أنها لم تمنع تلك الصيحات التي صدرت بداية من رئيس فرنسا الذي طالب بهذا المطلب منذ عدة أسابيع، ولم تمنعه صور التضامن والوحدة بين المسلمين والمسيحيين من المطالبة بحماية مسيحيي الشرق، وكأن مسيحيي الشرق جاؤوا لتوهم ليعيشوا بيننا، وكأنهم لم يعيشوا بيننا منذ عشرات القرون وكانوا في بلادهم في أمن وأمان أفضل بكثير مما عاشه اقرأنهم في الدين والمعتقد في عصور أوربا الوسطى، وكأن تلك الأصوات نست أو تناست بأن مصر كانت ملجأ المسيح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ومأمنه من الذين أرادوا أن يبطشوا به وبأمه مريم الصديقة وعلى رأسهم هيريدوس، نسوا أو تناسوا أن مصر التي قال فيها يوسف الصديق لأبيه وأمه وإخوانه "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" نسوا أو تناسوا أن للمسيحيين علينا حقوق وأولها حمايتهم وعيشهم في أمان وسطنا كما علمنا ديننا، فماذا يريد هؤلاء.
ويبدو أن حادث القديسين لن يمر دون أن يوظف لتحقيق عدة مطالب يطالب بها من لا يملك لمن لا يستحق، فبالأمس القريب وبعد الحادث مباشرة تمتمات الرئيس الفرنسي واليوم يأتي المطلب من رأس الكنيسة الأوربية في دولة الفاتيكان، فنرى المطلب يصعد شيئا فشيئا حتى يشعرنا بأن هناك شيء مدروس لحصد مكاسب سياسية من آلام الآخرين.
ورغم أن هناك الكثير من الأحداث التي كانت أشد وطأة من حادث القديسين قد حدثت في أوروبا وأمريكا وآسيا كان الممكن أن توظف وتستغل في مطالبة هذه الدول (دول الشرق الأوسط) بحقوق لبعض رعاياها وللمسلمين هناك إلا أن احترام كيانات الدول، وعدم التدخل في شؤونها هو من سمة دول الشرق التي يريدوا التدخل في شؤونها الآن، ونذكر بعض الأحداث كحرب البوسنة والهرسك التي وصلت لحد الإبادة الجماعية وحرب الشيشان وحروب الأقليات المسلمة في الفلبين وتايلاند وأخيرا حادث قتل مروة الشربيني التي قتلت بدم بارد في قاعة العدل الألمانية، كل تلك الأحداث كانت كفيلة بالتدخل في شئون الدول التي حدثت بها والضغط لحصد مكاسب سياسية هناك.
تهديد الفاتيكان بنقل الحوار إلى إيران هو تهديد أجوف حيث أنها لا تمثل المسلمين في العالم مثل مؤسسة الأزهر العالمية وهم يعلمون ذلك فالشيعة لا يمثلون 10% من مسلمي العالم وهذا التهديد جاء ليبرهن على سوء النية من الحوار وعدم جديته للتقارب بل هو للوقيعة بين مؤسسات العالم الإسلامي وهو تهديد جاء كتهديد من يستغيث من الرمداء بالنار لذلك فالتدخل في شئون الدول من دولة الفاتيكان لن يأتي إلا بنتائج عكسية يتبلور في مواقف تترجم نية الفاتيكان في التأجيج والتصعيد لحصد مكاسب سياسية لمسيحيي الشرق من حادث كنيسة القديسين رغم أن لديهم ما يحفظ حقوقهم ويزيد وكذلك تعكس هذه التصريحات موقف الفاتيكان من الضغط لكسب نقاط محورية في هذا الحوار وهذا لن يتم مع مؤسسة عريقة ومتسامحة كمؤسسة الأزهر.