إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 11 يونيو 2011

الثورة وجدواها في التغيير

الثورة وجدواها في التغيير
هل حققت الثورة التغيير المرغوب فيه؟، هل نجحت في تعديل نهجنا وطريقة تفكيرنا؟، هل غيرت من أسلوب حياتنا؟.
كثيرة هي الأسئلة التي تحوم حول الثورة وجدواها وما حققته خلال ستة أشهر، ولعل ما يشغل فكر المفكرون، وبحث الباحثون الآن هو نتائج الثورة على المدى البعيد، وربط هذه النتائج والتداعيات في الوقت الراهن بوضع الدولة والمجتمع على الأرض، وحال البلد الذي لا يزال في وضع سيء، والذي لم يتغير حال مواطنيه كثيرا بعد قيام الثورة.
ورغم قصر المدة التي مرت بعد الثورة وهي ما يطلق عليها "المرحلة الانتقالية" فمن الظلم التاريخي والسياسي أن يتم  الاعتداد بها والحكم على مستقبل البلد بهذه التسعة أشهر، إلا أن هناك مؤشرات قوية على الأرض تؤكد عدم جدوى الكثير من الأحداث والفعاليات، التي جرت منذ يناير الماضي والتي أتبعت الثورة وحتى الآن، فالوجوه التي تمارس العمل السياسي ما زالت كما هي بكافة اتجاهاتها، وما زال الكثير منهم في أماكنه يمارس عمله بأريحية، والثوار الذين دخلوا في هذا الحراك السياسي وهو جديد عليهم لم يحترفوا هذا العمل بعد، بل انقسموا على أنفسهم وضل عنهم هدفهم، وامتصهم عتاة العمل السياسي، كما أن المجتمع المصري لا زال يغص في ثبات عميق، اللهم إلا بعض حركات التمرد التي أصابت بعض أطياف المجتمع نتيجة الظلم في توزيع الدخول وعدم وجود العدالة الاجتماعية، أما سلوك الأفراد داخل المجتمع فلم تناله يد التغيير فأعمال البلطجة في ازدياد نتيجة ارتخاء قبضة الأمن، والغائبون عن العمل التطوعي والخيري تشغلهم مصالحم الشخصية ولا يأبهون للدعوات الموجهة للانخراط في العمل العام، والذين مردوا على الكسب المادي والحسابات والأرقام مازالوا يطوفون حول خزائنهم ولا يهمهم تدني مستوى سعر صرف عملة بلدهم مقابل العملات الرئيسية، أو انخفاض الاحتياطي للنقد الأجنبي من 36 مليار إلى 25 مليار دولار، فهل قام رجال الأعمال والاقتصاديون بعمل مشروعات تنموية للشباب وغيروا من نمط أسلوبهم في الكسب المادي.؟، أم أنهم أجبن من رؤوس أموالهم؟، هل التزم موظفو الدولة بالمواظبة على أوقات حضورهم وانصرافهم وصبروا حتى تعدل رواتبهم ومصروفاتهم؟، أم أنهم ينتظرون تعديل رواتبهم دون تعديل سلوكهم الوظيفي واحترام تعاقدهم مع الدولة؟.
الشرطة التي رفعت شعار خدمة الشعب لازال أفرادها لا يخدمون مجتمعهم بعد فقد السطوة السابقة، ومنهم من لا يريد العمل إلا بتلك السطوة، ولقد رأيت بنفسي أحدهم يلمح لمواطن بأنه خدمه في محضر التعدي الذي كتبه له، مما اضطر هذا المواطن أن يدفع له عشرة جنيهات على سبيل هذه الخدمة، وهي في قاموس الشرطي والمواطن "إكراميه" وما هي برشوة، رغم أن الثورة قامت من أجل تغيير هذا الأسلوب.
 كذلك الآلة الإعلامية للدولة لم تتغير وجوهها، فرموز وأقطاب الإعلام قبل الثورة لازال معظمهم يجثم على صدور المشاهدين والمستمعين والقراء، وما تغيير النهج والأسلوب إلا من تداعيات المرحلة وما هي إلا تماشيا مع الوضع السائد لها 
إن المجتمع المصري بعد الثورة ما زال كما هو لم يتغير سلوكه ولم يطرأ عليه أي تعديل، فالتغيير المنشود أتى من عل، ولم يأتي على القاعدة العريضة للمجتمع، فالبلطجية لم يصبحوا دعاة هدى ، والمرتشين لم تعف نفوسهم، ولم تمنع يد التغيير مد أيديهم، والتجار الذين غالوا في الأسعار لم يرحموا مستهلك، واستغلوا نقص المعروض وزيادة الطلب في بعض الأحيان فكان الغلاء رمزا لبعض السلع بعد البوار، جاءتنا بعض الأزمات فلم تزرع فينا قيما ايجابية، بل أفرزت منا سوء السلوك والأخلاق، هل علمتنا أزمة الغاز خصلة الإيثار؟ أم جنبتنا أزمة السولار غلاء المواصلات وبهظ التنقل لأهل الدار، وتكلفة نقل السلع والمستلزمات، واستغلال أصحاب النفوس الضعيفة من السائقين وتجار المواد البترولية للأزمة، لذلك فتجذر خصلة الأنانية أظهرت في الأخلاق انحدار، هل ما زلنا نحلم بتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وحب الخير للغير كما نحبه لأنفسنا، هل يناهنا الوازع الديني ووجع الضمير أم اننا أصبحنا نقيس الأمور بمقاييس دنيا.
كنت أود ألا أكون من المتطيرين أو من المثبطين إلا أننا ما يزال أمامنا عشرات السنين حتى نتغير التغيير الذي يصبح البيئة التي تنضج فيها ثمرة الحرية والعدالة وتمنو فيه أغصان التقدم والرقي، وتبذر فيها بذور الثقة والعزة والكرامة ونكون يومها أهلا لثورة الحرية، وتكون حينها عوامل التقدم والبناء موجودة على الأرض، أرجو أن أعيش لأرى تلك الأيام.